تنصيب مطران ألمانيا وأوروبا الوسطى الجديد، سيادة…



2013-11-24

asa " اقبل أيها الأخ هذه العصا مثالاً للعصا التي شق بها موسى البحر الأحمر وعبر بالشعب إلى أرض الميعاد... "

من كولن وأمام حشد كبير من المؤمنين ومن الفعاليات الكنسية والمدنية، أكد البطريرك يوحنا العاشر يازجي على أهمية الدفع باتجاه السلام في الشرق الأوسط وفي سوريا خاصة. كلام البطريرك جاء في القداس الذي أقيم في كولن لمناسبة تنصيب مطران ألمانيا وأوروبا الوسطى، المتروبوليت اسحق بركات.

"نحن في ألمانيا وعيوننا تدمع دماً على أخوةٍ لنا في سوريا تُمتهن كنائسهم ويقتلون ويشردون ويخطفون، ومنهم مطارنة وكهنة وأبرياء لا ذنب لهم إلا كونهم أبناء تلك الديار. ومن هذا المنبر نجدد الدعوة إلى المجتمع الدولي كله لتحفيز منطق الحوار والحل السلامي لحل الأزمة في سوريا" قالها البطريرك مؤكداً على ثبات المسيحيين مع إخوتهم في الوطن من مسلمين في ديارهم.

كما توجه البطريرك في صلاته من أجل حفظ لبنان وصون أمنه واستقراره وتغليب منطق الحوار فيه على منطق التفجيرات المدانة دوماً وأبداً.K2

وفي نهاية القداس، ووسط حضورٍ رسمي كنسيٍ ورسمي، سلم البطريرك المتروبوليت الجديد عصا الرعاية قائلاً: "نبارك لرعايانا الأنطاكية في ألمانيا وأوروبا الوسطى بالمتروبوليت الجديد أباً وراعياً عطوفاً. كما نبارك لسيدنا اسحق بهذه العائلة الكبيرة والمحبة، هذا الشعب الطيب الأصيل الذي تعلمنا منه الكثير".

تسليم عصا الرعاية

اقبل أيها الأخ هذه العصا مثالاً للعصا التي شق بها موسى البحر الأحمر وعبر بالشعب إلى أرض الميعاد. وتوكّأْ عليها وتقوَّ بها روحياً لتتمكن من أن تشق أمواج البحر المتلاطمة حول الكنيسة المقدسة وتقودَ شعبك الجديد سالماً من كل عيبٍ وشائبةٍ إلى أرض الموعد الأبدي. تشجع أيها الأخُ وتقوَّ واعلم أنك مزمعٌ أن تعطي جواباً عن الرعية أمام إلهنا ورئيسِ رعاتنا يسوع المسيح.

كلمة التنصيب للمتروبوليت إسحق بركات

صاحب الغبطة ملاك كيسة أنطاكية، الأب الجليل غبطة البطريرك يوحنا العاشر الجزيل الإحترام

أصحاب السيادة الإخوة المطارنة المشاركين معنا هذا الفرح
أصحاب السيادة ممثلي الكنائس الشقيقة
أصحاب السعادة ممثلي الحكومة الألمانية
أبنائنا الأحباء في أبرشية ألمانيا واوروبا الوسطى، أيها الإخوة والأخوات

من دمشق ومن الشارع الذي تعمّد فيه بولس الرسول آتيكم اليوم لأقف في وسطكم كراعٍ لكم ولأبناءكم،

بادئ ذي بدء أود أن أشكر الله أولاً على نعمه الغزيرة التي يعطيني إياها في الوقت المناسب، أشكر سيّدي صاحب الغبطة وأباء المجمع الأنطاكي المقدّس على ثقتهم بي لأحمل لواء كنيستنا الأنطاكية في هذه البلاد التي حباها الله بنعم كثيرة وبأشخاص مميزين بمحبتهم لله وللكنيسة ولتراثنا المسيحي المشرقي، هؤلاء الأبناء الذين سعوا ويسعون على بناء كنائسهم بأحلى حلّة قبل أن يفكروا بأنفسهم وبيوتهم وعائلاتهم، لأنهم على ثقة أن البيت يبدأ في الكنيسة والالتفاف حول مائدة الرب والكلمة الإلهية التي نأخذها من الكأس المشتركة وهذا الإرث الذي نستطيع أن نعطيه لأولادنا كما تسلمناه من أباءنا وأجدادنا.

أشكر الله بأني أتيت في هذا الوقت إلى هذه الأبرشية المحفوظة من الله بعد أسلافي المثلث الرحمة المطران غفرائيل وصاحب الغبطة أطال الله في عمره سيدنا يوحنّا، اللذين أسسوا وسعوا إلى أن تكون كنيسة المسيح بأبهى حللها. أذكر تمامًا وكأني أرى هذه اللحظة الآن عندما أتيت في أول زيارة لي إلى ألمانيا كأليريكي عام 1998 وتعلمت بمدارسها وخدمت في رعاياها والفضل يعود إلى الأخوة في الكنيسة الإنجيلية الذين وفروا لي المنحة الدراسية، كم تفاجئت بمحبة الناس إلى كنيستهم وكم هو تعب الأباء الكهنة في خدمتهم وخاصة بسبب بعد المسافات بين الرعايا وأماكن إقامتهم، ولكن ومع كلّ ذلك لم أسمع أي تذمر من الأخوة وكان هذا يخجلني من نفسي فكم منّا في البلاد الأم يتذمر من الخدمة لأسباب متعددة. وعندما كنت أصف لهم الوضع هنا في ألمانيا والمسافات التي يقطعها الكهنة والمؤمنين للاشتراك في الأسرار المقدّسة كانوا يستغربون من ذلك، ثقوا يا أحباء إن الله يرى أعمالكم وسيجازيكم عنها بكل ما هو خير لكم ولأبناءكم.

K3 العمل المطلوب منّا في هذه البقعة الجغرافية كبير وشهادتنا في هذا المجتمع الذي نعيش فيه كبيرة جدًا فنحن مدعوون لرفع اسم إرث كنيسة أنطاكية عاليَا، هذه الكنيسة التي عرفت على مرّ الزمن بانفتاحها على الآخر واستيعابها له، لذلك كلّنا مدعوون لأن نكون رسل لكنيستنا أينما وجدنا في مجتمعاتنا، عملنا، مدارسنا، جامعاتنا والأهم في ما بين بعضنا البعض في رعايانا التي يجب أن تكون مشاتل محبة وعطاء لكل من يرغب السلام ويطلبه. كلّنا مسؤولون وليس هناك فرق بين رعية كبيرة أو صغيرة، كلّنا أنطاكيون وعلينا أن نضع أيدينا مع بعضنا البعض لكي نشهد بكلمة الحق في هذا العالم الذي نعيش فيه.

لا أريد أن أطيل عليكم ولكنني سأتوجه إلى كل رعيّة بما يخصّها في ما بعد عندما أزوركم في الوقت المناسب ولكني أعدكم بأنكم ستكونون مدعوون جميعكم للعمل المثمر في رعاياكم فكلّنا جسد المسيح.المحبة والرعاية لا ينفصلان عن بعضهما البعض فالرعاية الحقيقية هي ترجمة للمحبة التي أعطانا إياها الرب يسوع عندما قال لتلميذه بطرس: أتحبني يا بطرس؟ إرع خرافي. فإني وأمام سيّدي ملاك أنطاكية والأخوة أصحاب السيادة أتعهد بأن يكون هدفي الأول في خدمتي هذه التي أؤتمنت عليها هي رعاية قطيع المسيح في هذه البقعة الجغرافية من العالم، وذلك من خلال التنشئة المسيحية وتنمية الوعي الديني حتى نصل إلى اليوم الذي نرى فيه أبناء هذه الأبرشية يقومون على خدمة إخوتهم الكهنوتية وننتهي من استيراد الرعاة. وذلك ببث روح الوعي المسيحي من خلال تنشئة دينية واعية تناسب أبناء هذه المنطقة وتربطهم بكنيستهم الأم في الوطن.

والدور الكبير الذي سنعتمد عليه هو بث هذه الروح في شبيبتنا الناشئة من خلال حلقات الكتاب المقدّس وتعليم الترتيل والأنشطة التي تربطهم بكنيستهم. وهنا يأتي دور المرأة التي تشكل العامل الأساسي في بناء البيت والعائلة فمن الضروري إحداث الأخويات التي تساعد أمهاتنا في تربية أولادهم وتشجهعم على دفعهم لحضن الكنيسة حتى يكونوا فاعلين في حقل الرب. وعندما نتحدث عن المرأة لا نفصل بينها وبين الأسرة فكما تعلمنا الكنيسة فالأسرة هي الكنيسة الصغيرة التي ينمو فيها كلّ واحد منّا، فاهتمامنا بأسرنا وخاصة الأسر الناشئة من ناحية الاهتمام بها من الناحية الاجتماعية والروحية والتقديسية.

إننا في بلاد تحترم الحرية والديمقراطية لذلك علينا معرفة واقع رعايانا وحاجاتهم ومتطلباتهم لكي نهتم بها ونسعى مع إخوتنا في الكنائس الشقيقة لندبّر أمورهم ونكون المثال الصالح لكل مواطن يعيش على هذه الأرض.

يجب أن لا ننسى أبدًا أننا ننتمي إلى كنيسة عريقة من أقدم الكنائس في العالم حيث دعيت الجماعة الأولى بها بالمسيحيين أولاً وأنتم تعلمون هذا حق المعرفة لأنكم تنحدرون من هذه البقعة الجغرافية، أنطاكية. علينا أن نتذكر بأن في كنيستنا تراث خاص تمتاز به وما يميزها عن غيرها هو الانفتاح المشهود له تاريخيًا ومحبة الآخر والمسالمة في العلاقات الأخوية، يجب أن نذكّر أبناءنا بأن معهد القديس يوحنّا الدمشقي هو المشتل الذي يغذّي كنائسنا ويغنيها برعاة المستقبل.

أخيرًا، أشكر مجيئكم ومشاركتنا في هذا العرس الإلهي، أشكر إخوتنا الذين تكبّدوا عناء السفر حتى يكونوا معنا، إخوتنا من الكنائس الشقيقة، الأحباء ممثلي الدولة والمجتمع المدني. أخيرًا أكرر شكري لسيدي صاحب الغبطة الذي باركنا وشرفنا بمجيئه وقدّسنا بحضوره مع أباء المجمع المقدّس، هذه الرعية يا سيّدي هي شتلة مما زرعت يمينكم فأطلب منكم أن تشملوها دائمًا بعطفكم ومحبتكم وصلواتكم، وأن تحملوني شخصيًا في صلاتكم حتى يشددني الرب على خدمة هذه الرعية بخوف ومحبة.