القدّيس عمّون المصري البار



10-04

حياته:
عندما مات والداه، عُهد به إلى عمّه الذي أرغمه على الزواج رغم صغر سنّه. وليلة زفافه، بعدما تركه المدّعوون وزوجته، فتح القدّيس عمون الكتاب المقدّس وقرأ مقطعًا من رسالة بولس الرسول إلى أهل كورنثوس جاء فيه الحديث عن هموم الزواج، فيما يتسنّى للعذراء أن "تهتم في ما للربّ لتكون مقدّسة جسدًا وروحًا" (1كور7).

 

عمون وزوجته يتبتّلان ثم يفترقان:

وهكذا تبنّى عمون وزوجته القول الذي ورد في الآيتين ٢٩ و٣١ من الفصل السابع: "إن الوقت منذ الآن مقصّر لكي يكون الذين لهم نساء كأن ليس لهم... والذين يستعملون هذا العالم كأنّهم لا يستعملونه...". فقرّروا الخروج إلى البريّة للعيش في صوم وصلاة. 

فجاءا إلى موضع في جبل نيترية قريبًا من مدينة الإسكندرية وأقاما في كوخ صغير، ولكنّهما فطنا سريعًا إلى أنّه من غير الجائز لهما أن يبقيا معًا، فافترقا ليسلك كلّ منهما منفردًا في حياة التوحّد.

a

 

عمون يتوحّد:

لم يكن القدّيس عمون يعرف في طعامه لا الخمر ولا الزيت، ويقتات من الخبز الجاف مرّة كلّ يومين أو ثلاثة. وقد أرضت طرقه الله فأقبل عليه الكثيرون يطلبون إرشاده ليصيروا رهبانًا. وكان كلما أتاه طالب رهبنة يعطيه قلّايته بما فيها، فيما كان الإخوة الباقون يأتونه بالمؤونة وبما يحتاج إليه من آنية. الحب الأخوي كان الشريعة الأولى بينهم.

 

إزدهار البريّة:

ولم تمر سنون قليلة حتى تحوّلت بريّة نيترية، بإرشاد القدّيس عمون، إلى مدينة ناشطة.
ولكن، أراد بعض الإخوة أن يتوغّلوا في البريّة أكثر ليتسنّى لهم أن ينعموا بالهدوء والصلاة النقيّة الدائمة. 

 

القدّيسين أنطونيوس وعمون:

وحدث أن جاء القدّيس أنطونيوس الكبير لزيارة القدّيس عمون، فعرض له هذا الأخير حال رهبانه وطلبهم. وانتظر القدّيس انطونيوس حتّى الساعة التاسعة أي الثالثة بعد الظهر وقام فانطلق والقدّيس عمون في البريّة إلى غروب الشمس.

وهناك توقّفا فغرز القدّيس انطونيوس صليبًا في الأرض وقال للقدّيس عمون: “إلى هنا تكون قلالي الإخوة الذين يرغبون في الهدوء، حتى إذا ما أراد أحد أن يأتي من هناك إلى هنا أمكنه بلوغ المكان قبل غياب الشمس، وهكذا أيضًا من رغب في الانتقال من هنا إلى هناك”.

 وكانت المسافة التي قطعاها تسعة عشر كيلومترًا. ولم يمض وقت طويل حتى امتلأت تلك الأصقاع بقلالي الرهبان الذين بلغ عددهم أكثر من ستمئة.

كان القدّيسين عمون وانطونيوس على محبّة عميقة فيما بينهما. فلما رقد القدّيس عمون في الربّ ، وكان القدّيس  انطونيوس في الجبل المسمّى باسمه يتحدّث إلى بعض الرهبان الجدد، توقّف القدّيس انطونيوس عن الكلام ورأى القدّيس عمون يصعد إلى السماء بصحبة جم من الملائكة، فقال :”ها أن عامودًا يصعد إلى السماء في هذه اللحظة” وقصد بذلك أن القدّيس عامون رقد.

من الأقوال الكثيرة التي اعتاد القدّيس عمون أن يرددها: "أحمل أثقال سواك كما يحمل الله أثقالك".