القدّيسان كبريانوس الشهيد في الكهنة ويوستينا…



10-02

الشهيد في الكهنة كبريانوس الأنطاكيّ، والشهيدة يوستينا البتول الدمشقيّة

"لنغبطن بأصوات متفقة كبريانوس العظيم الذي كان، في البدء، ممتلئاً من الرذيلة، ثم أضحى على يد بتول شريفة رئيس كهنة، ولنهتفنّ نحوه قائلين: استعطف لنا سيّد الكل بطلباتك."
هذه الترنيمة هي قطعة الاكسابستلاري التي تنشدها الكنيسة في صلاة السحر هذا اليوم.


‏‏كان كبريانوس أحد الوثنيّين المعروفين في أنطاكيا في أيام الملك داكيوس، في منتصف القرن الثالث الميلاديّ. فلقد تسنّى له أن يحصّل قدراً وافراً من العلوم الدنيوية منذ صغره، ثمّ انصرف بعدها إلى ممارسة السحر. فبرع فيه إلى حد أن الوثنيين كانوا يقصدونه من كل صوب ويطلبون إليه أن يتوسط لدى الشياطين ليؤدوا لهم خدمات محددة أو يتسببوا في أذية بعض الناس أو تحريك بعضهم الآخر في هذا الاتجاه أو ذاك.

وقد طوّر كبريانوس عمله فاطلع على شتى أنواع كتب السحر وزار أمكنة اشتهرت بسحرها وسحرتها وأخذ عنها الكثير. كل ذلك جعله رجلاً غنياً مخوفاً. ولا شك أنه تسبّب، من حيث يدري ولا يدري، في أذية كثيرين، ولم يكن يبالي.


‏أمّا يوستينا فهي ابنة كاهن وثنّي اسمه إديسيوس. ذات يوم، سمعت يوستينا كلامًا عن تجسّد المسيح من عذراء لخلاص البشر ومحبّة الله للناس، فذهبت سرًّا إلى الكنيسة لتسمع المزيد.

اهتدت إلى الربّ يسوع وتعلّمت الإيمان الحقيقي. ويبدو أنّ والدها الكاهن الوثنيّ أحبّ الحكمة الإلهيّة، فانجذب مع زوجته كليدونيا إلى الإيمان المسيحي. واعتمد الثلاثة على يد أوبتاتوس الأسقف. ونذرت يوستينا عفّتها للختن السماوي يسوع المسيح.

وفي التسليم الكنسيّ روايتان حول صلة كبريانوس بيوستينا.
cyprian justina6

تقول الرواية الأولى إن كبريانوس التقى يوستينا يوماً فأخذ بجمالها البارع ووقع في حبّها. ولما حاول التودد إليها صدّته. أما الرواية الثانية فتذكر أن شاباً خليعاً من الوثنيّين وقعت عينه على يوستينا فأغرم بها وأرادها لنفسه فخيّبته، فجاء إلى كبريانوس يطلب مساعدته.

الأمر الثابت هو أن كبريانوس سعى بما أوتي من علم في السحر وبما كان عليه من صلات بالأرواح الخبيثة، إلى استمالة يوستينا.


‏لم يترك طريقة من الطرق السحريّة إلاّ جربها ليظفر بالفتاة ففشل فشلاً ذريعاً، لأنّ يوستينا كانت محفوظة بقوّة الصليب.

حينئذٍ وجد نفسه راغباً في التعرف إلى إله المسيحيين، الإله القدير الذي يفوق كل شياطينه وأدوات سحره قدرة، فأكبَّ على المسيحية يتعلمها. وهكذا اهتدى، هو أيضاً، إلى المسيح يسوع.


‏وكان من نتيجة ذلك أن جمع كبريانوس كل ما كان عنده من كتب السحر وأحرقها علانية.

كما جمع أمواله ووزّعها على الفقراء، وصار همّه أن يكفّر عن خطاياه الكثيرة وأذيته للناس بدموع حارّة وأعمال محبة تفوق ما سبق أن أتاه من شرور. كان ساحراً يجتذب الناس إليه بقوة السحر وفعل الشياطين، فجاءته عذراء رقيقة سحرته بجمالها واجتذبته إلى الإيمان بالرب يسوع المسيح.


ثم إن أسقف المدينة لاحظه فجعله كاهناً. ويقال إنه سيم أسقفاً أيضاً وجعل يوستينا شمّاسة.


وحدث في ذلك الزمان أن تحركت عاصفة الاضطهاد على المسيحيين، أيام الإمبراطورين ذيوكليسيانوس ومكسيميانوس، فقُبِضَ على كبريانوس ويوستينا وخضعا للتعذيب، جلداً وتمزيقاً ورميا في الزفت المحمى. وأخيراً قطع الجنود رأسيهما في روما سنة ٣٠٤م، ففازا بإكليل الاستشهاد.

نشير إلى أن كبريانوس الأنطاكي قد اختلط في الأذهان عبر التاريخ بالقديس كبريانوس أسقف قرطاجة الذي استُشهِدَ عام ٢٥٨ م.

من هنا أنّنا لا نجد له خدمة في كتبنا الطقسيّة ولكنّه مذكور في الروزنامة الكنسيّة الأرثوذكسيّة يوم الحادي والثلاثين من آب وهو من آباء القرون الأولى.