النبيّ أيّوب الصدّيق



05-07

زمَنُهُ وزمن سِفرِهِ:
في خاتمة سفر أيوب الصدّيق، بحسب الترجمة اليونانية المعروفة بالسبعينية، أن المصحف السرياني كتب أن سكنى أيوب كانت في بلاد حوران، على حدود آدوم والعربية وأن 06-5-2اسمه كان يوباب. وقد اتخذ امرأة عربية وكان أبوه زارات، أحد أبناء عيسو، وأمّه بوسوره. لا نعرف الزمن الذي عاش فيه ولا متى كُتب السفر الذي باسمه ولا من كتبه. ثمَّة من يعيده إلى زمن أرميا النبي، وثمَّة من يجعله بعد السبي البابلي وثمَّة من يعتقد أن البيئة والظروف التي يتحدَّث عنها السفر تشبه البيئة والظروف التي عرفها الآباء الأولون. لذلك يميل هؤلاء إلى إرجاعه إلى الألف الثاني قبل الميلاد. هذا بالنسبة لزمن أيوب وسِفرِهِ، أما مسرح الحوادث المصوَّرة في السفر فيبدو أنه الهضبة الواقعة شرقي أو جنوب شرقي فلسطين حيثُ تقع عوص وثيمان وشوَّة ونعمة. أمَّا الكاتب فيظن أنَّه أحد أهل فلسطين.


حياةُ أيوب:
بحسب سفر أيوب، وكما يبتدئ السفر يخبر: "كان أيوب صالحاً كاملاً يتَّقي الله ويحيد عن الشَّر" (أي1: 1). ولأنه كان كذلك وفق فهم الأقدمين، باركه الله ومنَّ عليه بخيرات جزيلة. أنجب سبعة أبناء وثلاث بنات. كان خدمه كثيرين جداً. وكانت له من الغنم والجمال والبقر والأتن أعداد هائلة قياسياً بثروات ذلك الزمن. والسفر يقول بكلمة أنه كان "أعظم أبناء المشرق قاطبة" (أي1: 3).


إلى ذلك كان أيوب يحرص على تقديس بنيه أي على تطهيرهم والتكفير عمَّا يمكن أن يكون قد بدر عنهم من إساءات إلى الله. "فكان ينهض مبكِّراً في الصباح ويُقرِّب محرقات على عددهم قائلاً: لئلا يكون بنيّ قد أخطأوا في قلوبهم وجدَّفوا على الله.


تجربةُ أيوب:
برُّ أيوب وتُقاه، أثار رغبة الشيطان في إبعاد أيوب عن الله وإسقاطه في الخطيئة. فاستأذن الله بإخضاع أيوب للتجربة بحجّة أن أيوب يسلك في البرّ ليس مجاناً بل لأنه يتوخىَّ الربح أولاً. فلأنه ينتفع من الله يتقيه، وهو يتقيه من باب التأمين على نفسه وعلى بنيه وخيراته.


بسماح من الله، جرَّب الشيطان أيوب دون المساس بحياته (دون تعريضه للموت). فأَفقَدَ أيوب كل ما يملك. ظناً منه أن أيوب سيجدف على الله، لكن خابت ظنون المجرِّب. فلجأ إلى شخص أيوب، فضربه بقروح من رأسه حتى أخمص قدميه. وفي هذه التجربة نجح إبليس، فقد وقع أيوب في التجربة ولعن يوم مولده (أي3: 1). هذا كون أن أيوب كان ينظر في عين نفسه على أنَّه بار ولا يستحق كل ما يتعرض إليه.


توبة أيوب:
أخيراً كلَّم الرّب الإله أيوب من العاصفة (أي1:38) "من ذا الذي يُظلم القضاء بكلام مجرَّد من المعرفة؟" (أي38: 2). "أتشك في قضائي أو تستذنبني لتبرِّر نفسك؟" (أي8:40). ثمَّ يورد الرَّب في صيغة أسئلة كل تدابيره في خلقه ليوحي لأيوب بكل الحكمة التي برأ بها الخليقة والدقَّة المتناهية في إثبات أحكامه. والنتيجة عاد أيوب إلى نفسه ليجيب: "انظر، أنا صغير فبماذا أجيبك؟ ها أنا أضع يدي على فمي. لقد تكلّمتُ مرَّة ولن أُجيب ومرَّتين ولن أُضيف" (أي4:40) ثمَّ استدرك وقال لرَّبه: "حقاً لقد نطقتُ بأمورٍ لم أفهمها وبعجائب تفوق إدراكي... بسمع الأذن سمعتُ عنك والآن رأتك عيني، لذلك ألوم نفسي وأتوب معفِّراً ذاتي بالتراب والرماد" (أي3:42،5- 6).


عودة أيوب إلى رشده بنعمة الله:
أخيراً رضي الله عن أيوب فشفى قروحه التي كان قد ابتلاه بها الشيطان، وردَّه من عزلة منفاه (أي42: 10) وضاعف كل ما كان له من قبل وبارك آخرته أكثر من أولاه.