كتاب الذيذاخي



تعليم الرسل الأثنى عشر
الذيذاخى

اولًا مقدّمة عن الكتاب

"الذيذاخي" أو "تعليم الرسل الاثني عشر" كتيّب صغير أُلّف بين عامَي 100 و150 . كاتبه غير معروف. يبدو من أسلوبـه ومضمونـه أن مؤلّفه سوري ينتمي الى جماعـة مسيحيـة من أصل يهودي.

يتضمن هذا الكتيب ما يمكن تصنيفه بـ"تعليم ديني" موجّه إلى المؤمنين. وهو يعرض للأخلاق المسيحية والتراتبية الكنسية والأعياد الليتُرجية وخدمتَي سرَّي المعموديـة والإفخارستيا والمجيء الثاني.
يُبرز هذا الكتيّب أيضًا صورة عن الحياة المسيحيـة في بدايـة القرن الثاني. أهمية هذا النص، عدا كونـه وثيقة عن المسيحييـن الأوائل، تكمن في أن الكاتب يستفيـض في الإستشهاد بكتب العهد الجديد من دون الإشارة اليها بالإسم.
هذا أمر هام جدًا، اذ أنه دلالـة على أن المسيحيين الأوائل كانوا قد بـدأوا يتداولون فيما بينهم ما كانوا يعتبرونـه كلامًا مقدّسًا، من دون الحاجة الى الإشارة: "كما يقـول المسيـح"، أو "كما يقـول إنجيل (فلان)".

ثانيًا تحليل للذيذاخي:

يبدأ الذيذاخي بالإشارة إلى وجـود طريقين أمام الإنسان لا ثـالث لهما هما: طريق الحياة وطريق الموت. أمّا طـريق الحياة فقوامها محبّة اللـه والقريب، والقاعدة القائلـة: "ما لا تريد أن يفعله الناس لكم، لا تفعلوه أنتم لهـم".
هذه القاعدة تذكّر بالقاعدة الذهبيـة التى أرساها السيّد المسيح في الموعظـة على الجبل: "فكل ما أردتم أن يفعل الناس لكم، افعلـوه أنتم لهم" (متى 7: 12).
الجدير بالذكر هنا هو كثرة استعمال الكاتب للموعظة على الجبل، فهو يشير مثلاً الى قول السيّد: "مَن لطمك على خدك الأيمـن، فأعرض لـه الآخر" (متى 5: 39)، لكنّه يضيف على هذا القول: "فتكون كاملاً". ثم يتابع: "ومَن سخَّـرك أن تسير معـه ميلاً واحدًا، فَسِرْ معـه ميلَيْن. ومَن أراد أن يأخذ رداءك، فاترك له قميصك أيضًا".
في الموعظـة على الجبل ترد الآيـة الثانية قبل الأولى (متى 5 :40-41)، والثانية على الشكل التالي: "ومَن أراد أن يحاكمك ليأخذ قميصك، فأترك لـه رداءك أيضًا". لا شكّ أن هذا الاختلاف في التعابير والذي لا يشوّه في شيء تعاليـم المسيح الانجيليـة يعود الى أن الأناجيل كانت ما تزال في طور التدوين (أو التكوين)، ولم يكن بعد ثمة نُسَـخ نهائيـة متـوافـق عليها بين الكنائس كلّها.
ثم يتحدّث كاتب الذيذاخي عن المعموديـة، ويربطهـا بوجوب التعليـم السابق للمقبل اليها، ويشتـرط أن يكـون الماء جاريا وأن يُسكب الماء ثلاث مرات على رأس المعتمد "باسم الآب والابن والروح القدس"، ويشير الكاتب الى ضرورة صوم المعمِّـد والمعمَّد ومَن يرغب أيضًا من المـؤمنين ليومين أو ليوم واحد على الأقـل قبل المعموديـة.
وهنا يطلب إليهم أن يصومـوا يومَي الأربعاء والجمعـة من كلّ اسبـوع، بـدلاً من يومي الإثنيـن والخميس حتى لا يصوموا مع "المنافقين"، ويعني بهم اليهود. كما يوصيهم بأن يصلّوا الصلاة الربية -أي الأبانا- ثلاث مرّات في اليوم، في الساعات عينها التي يقـيم فيها اليهـود صلواتهم.

بعد ذلك، يورد الكاتب نص صلاة الإفخارستيا، فيشكر اللـه واصفًا المسيح بـ "كرمـة داود المقدّسة". وتتابع الصلاة قائلـة: "كما جُمع هذا الخبز الذي كان متفـرقًا في الجبال ليصير واحدًا، هكذا اجمعْ كنيستك المنتـشرة في كلّ أنحاء الأرض إلى ملكـوتك". ثم يطلب من أجل الكنيسة قائلاً: "اذكر، يا رب، أن تخلّص كنيستك من كلّ شر، وأن تكمّـلها في محبتك. إجمع من أطراف الدنيا الاربعة الكنيسـة التي قدّستـها، وأجعـلها في ملكوتك الذي أعددته لها". وتنتهي صلاة الشكـر بدعاء الكنيسة الأولى المعـروف: "ماران أتا"، وهي عبارة آرامية تعني "يا ربنا، تعال"، ويرد ذكرها في آخر سفر الرؤيا (22 :20).

ويوفّر لنا كتاب الذيذاخي إحدى أولى الشهادات حول سِرّ الإعتراف، فيقول الكاتب: "في الجماعة، إعترِفْ بخطاياك". ويقول أيضًا: "إجتمعوا، يوم الرّب، اكسروا الخبز واشكروا بعد أن تكونوا قد اعترفتم بخطاياكم، حتى يكون قربانكم نقيَّا". هنا، ومن خلال النص، لا يتّضح اذا كان الاعتراف علنيًا أمام الجماعة كلّها أم خاصًا أمامَ إمامِ الجماعة فقط. إلاّ أنّه من المؤكد أنّه كان للاعتراف آنذاك مكانةً أسرارية.

أمّا المـراتب الكنسيـة التي يشير إليها الكاتب فهي رتبتـان فقط: الاسقفيـة والشمّاسيـة، ولا يرد أي ذكر للكهنوت. ولكنـّه في الآن ذاتـه يقول إن الأنبياء كان لهم سلطـة إقامـة سر الشكـر: "دعوا الأنبياء يشكـرون بقدر ما يشاؤون".

لا ريب في أن الكنيسة في بداياتها كانت لا تزال تعمل على إقامة الوظائف فيها، ولم يكن ثمـة حاجة بعد الى الكهنـة كما هو معروف اليـوم، وذلك بسبب قلة عدد المسيحيين واكتفـائهم بأسقفـهم الذي كان يرعاهم جميعًا، وعندما امتدّت الكنائس إلى القرى واقتضت الحاجة وجود كنائس عدّة في المدينـة الواحدة، انتدب الأساقفة كهنة حتى يتولّوا مكانهم الرعاية والتعليم وكلّ أنواع العبادات.

وهنا ينتقـل الكاتب الى تعداد المواهب الكنسـيـة، وبخاصة الثلاث الأولى منها على ما ورد في رسالــة القدّيس بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس: "الرسل أولاً والأنبياء ثانياً والمعلّمــون ثالثًا" (12: 28).

يقول كاتب سفر أعمال الرسل: "وكان جميع الذين آمنوا جماعة واحدة، يجعلون كلّ شيء مشترَكًا بينهم" (2: 44). جماعة كاتب "الذيذاخي" كانت كذلك ايضًا. فما المانع أن تكون جماعة نهاية القرن العشرين على هذه الصورة؟

ثالثا نص الذيذاخي:

الوصيّة الأولى:

1-) يوجد طريقان: طريق للحياة وطريق للموت،الفرق بين الطريقين كبير.
2-) طريق الحياة هو الأتي: أوّلاً أحبب الرّب الذي خلقك، ثانيًا أحبب قريبك كنفسك، ما لا تريد أن يفعله الناس بك لا تفعله أنت بالأخرين.
3-) أليك ما يعنيه هذا التعليم: باركوا لاعنيكم , صلّوا من أجل أعدائكم، صوموا من أجل مضطهديكم، أي فضل لكم أن أحببتم الذين يحبونكم؟، الأ تفعل الأمم ذلك؟ أمّا أنتم فأحبّوا مبغضيكم، فلا يكون لكم مبغضين.
4-) إبتعدوا عن الرغبات الجسدية والبدنية، من ضربك على خدك الأيمن فحوّل له الأخر وكن كاملاً، اذا سخّرك أحد أن تمشي معه ميلاً فأمشي ميلين،اذا أخذ أحد منك وشاحك فأعطه ثوبك أيضًا، ومن أخذ الذي لك فلا تمانع لأنك لا تستطيع.
5-) أعط بدون مقابل كلّ يُطلب منك، فالله يشرك الجميع فى مواهبه، طوبى لمن يعطى حسب الوصية أنه طاهر. ويلُ لمن يأخذ إذا لم يكن محتاجًا، إنّّه سيقدّم حسابًا عن السبب والهدف الذى أخذ من أجله، إنّه سيُسجن وسيُحقق فى ملكه ولن يخرج إلّا بعد أن يدفع آخر فلس.
6-) وقد قيل حول هذا الموضوع فلتعرق حسنتك فى كفيك إلى أن تعرف لمن تعطي.

الوصيّة الثانية:

2-) لا تقتل ولا تزن، لا تفسد الصبيان، لا تبغ، لا تسرق، لا تمارس السحر، لا تسمم، لا تجهض، لا تقتل ولدًا بعد ميلاده، لا تشتهي خيرات قريبك.
3-) لا تحلف، لا تشهد بالزور، لا تكن نمّامًا ولا تحقد.
4-) لا تكن ذا رأيين ولا ذا لسانين، اللسانين فخٌ للموت.
5-) إحذر الكذب في كلامك، ولا تكن بطّالاً في قولك بل خصبًا.
6-) لا تكن طمّاعًا ولا لصًّا ولا مرائيًا، ولا تكن سيء الخلق متكبرًا ولا تفكّر تفكيرًا شريرًا بقريبك.
7-) لا تكره أحدًا، وبخ البعض وأرحم البعض وصلّي من أجل الجميع، أحبب الآخرين أكثر من نفسك.

الوصيّة الثالثة:

1-) يا بني إبتعد عن كلّ شرٍ وعن كلّ ما يشبهه.
2-) لا تكن غضوبًا فالغضب يقود إلى القتل، ولا حسودًا ولا مخاصمًا ولا فظًا، هذه الأمور تلد الجرائم.
3-) يا بني لا تكن ذا مشتهى لأن الشهوة تقود إلى الفجور، ولا بذيئًا ولا متعاليًا فتنقاد إلى الزنى.
4-) يا بنى لا تكن منجّمًا فتنقاد إلى عبادة الوثن، إحترس من الرقى ومن حسابات المنجّمين ومن الشعوذات التطهيرية، أرفض رؤيتهم وسماعهم، لأنّه من هذه الأمور تولد عبادة الوثن.
5-) يابني لا تكن كذّابًا فالكذب يقود إلى السرقة، لا تكن بخيلاً ولا محبًا للمجد الفارغ فهذا يدفعك إلى السرقة.
6-) لا تكن متذمرًا فالتذمّر يقودك إلى الشتيمة، ولا وقحًا ولا شريرًا، فمن هذه الأمور تنشأ الشتيمة.
7-) كن وديعًا لأن الودعاء يرثون الأرض.
8-) كن صبورًا وغفورًا بدون شر، وهادئًا وخيّرًا، وأرتعش أمام الكلمات التي سمعتها.
9-) لا ترفع ذاتك ولا تترك نفسك للخيلاء، لا تلصق نفسك بالعظماء بل بالصدّيقيين والمتواضعين.
10-) تقبل كلّ شىء كأنه خير فلا شىء يتم بدون إرادة الله.

الوصيّة الرابعة:

1-) يا بني من كلّمك بكلام الرّب أذكره ليلاً و نهارًا، أكرمه كما تكرّم الرّب لأنّه حيث تُعلن سيادته يكون هناك.
2-) فتّش دائمًا عن الأشخاص القدّيسين فتريحك كلماتهم.
3-) لا تُثر الخلافات، وطّد السلامة بين المتخاصمين، أحكم بعدل ولا تحابى الوجوه فى حكمك.
4-) لا تتردد بين هذا أو ذاك.
5-) لا تفتح يدك عند الأخذ و تطبقها عند العطاء.
6-) إذا كنت تملك شيئا بتعب يديك فأعط لتنعتق من خطاياك.
7-) لا تتردد فى العطاء وإذا أعطيت لا تتذمّر وستعرف من هو المجازي خيرًا.
8-) لا تصرف المحتاج وأقتسم كلّ شيء مع أخيك، ولا تقُل أنّ لك مالاً خاصًا بك، فأذا كنّا نحن نقتسم الخيرات الأزلية فكم بالحري الخيرات الفانية.
9-) لا تتهاون فى تربية أبنك أو بنتك، بل علّمهما منذ نعومة أظافرهما مخافة الله.
10-) لا تنهر خادمك أو خادمتك الذين يضعان رجائهما على الله، لا تأمرهما بحدّة لئلا يفقدا خوفهم من الله، إن الله لا يدعو كلّ شخصٍ بل يدعو من هيأهم الروح.
11-) أطيعوا أيها الخدّام أسيادكم بخوف وأحترام كما للرّب.
12-) أبغضوا كلّ رياء وكل ما لا يروق للرّب.
13-) لا تترك وصايا الرّب بل أحفظها كما إستلمتها بدون زيادة أو نقصان.
14-) إعترف بخطاياك أمام الجميع ولا تذهب للصلاة بقلب شرير، هذا هو طريق الحياة.

الوصيّة الخامسة:

1-) أمّا طريق الموت فهذا، أولاً: إنّه شرير مليء باللعنات والقتل والزنى، والفجور والرغبات والسرقة وعبادة الوثن والسحر والتسميم والاغتصاب والشهادة بالزور والرياء والمراوغة والغش والكبرياء والشر والقحّة والطمع والكلام البطّال والحسد والتعالى والعجرفة.
2-) إنّه مليء بمضطهدي الخير وأعداء الحقيقة ومحبّي الكذب الذين لا يعرفون أجرًا للعدالة، ولا يلتصقون بالصلاح ولا بالرأى العادل. يسهرون لا من أجل الخير بل من أجل الشر، ويبتعدون عن الوداعة والصبر، يحبّون باطلاً و يطاردون المكافاة، لا يرحمون الفقراء ولا يتألّمون مع المتألّمين، لا يعرفون خالقهم، قاتلو أطفال، يفسدون خليقة الله، يتجنّبون المحتاج ويظلمون الحزانى، يدافعون عن الأغنياء ويدينون الفقراء المحتاجين. كلّهم خطيئة. فتحرّروا (فإنعتقوا) أيها الأبناء من هذه الأمور.

الوصيّة السادسة:

1-) إحذر من أن يضللك أحد عن الطريق، أنه يخرجك عن تعليم الله.
2-) إذا استطعت أن تحمل نير المسيح كاملًا، فأنّك تصبح كاملاً، أمّا إذا لم تستطع فأفعل حسب طاقتك.
3-) أمّا عن الطعام، فمارس الصيام قدر استطاعتك، وإحذر اللحوم المُقدّمة للأوثان، إنّها عبادة مُقدّمة لألهة الأموات.

الوصيّة السابعة:

1-) بعد أن تُعلّموا ما سبق، عمّدوا كما يأتى: بإسم الآب والإبن والروح القدس، بماء جاري.
2-) فاذا لم يكن هناك ماء جار، فعمّدوا بماءٍ أخر، إذا لم تستطع أن تُعمّد بماءٍ باردٍ فعمّد بماءٍٍ حار.
3-) إذا كنت لا تملك كِلاهما، فأسكب الماء فوق الرأس ثلاثًا على إسم الآب والإبن والروح القدس.
4-) على المعمَّد والمعمِّد أن يصوموا ومن غيرهم يستطيع. أوصي من يريد أن يعتمد أن يصوم يومًا أو يومين قبل المعمودية.

الوصيّة الثامنة:

1-) لا تصوموا مع المرائين، المراؤون يصومون يوم الأثنين والخميس، أمّا أنتم فصوموا يوم الأربعاء ويوم الجمعة.
2-) لا تُصلّوا كما يصلّى المراؤون، بل كما أمر السيّد بإنجيله، فصلّوا هكذا: أبانا الذي في السماوات، ليتقدّس إسمك، ليأتي ملكوتك، لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض، خبزنا الجوهرى أعطنا اليوم، وأترك لنا ما علينا كما نترك نحن لمن لنا عليه، ولا تدخلنا فى تجربة لكن نجّنا من الشرير، لأن لك القدرة والمجد إلى الأجيال.
3-) صلّوا هكذا ثلاث مرّات في اليوم.

الوصيّة التاسعة:

1-) أمّا عن سِرّ الشكر، فأشكروا هكذا:
2-) أوّلاً عن الكأس: نشكرك يا أبانا لكرمة داود إبنك المقدّسة التى عرفّتنا بإبنك يسوع، فلك المجد إلى الأبد.
3-) وحول كسر الخبز: نشكرك يا أبانا للحياة والمعرفة التي وهبتنا بيسوع إبنك فلك المجد إلى الأجيال.
4-) و كما أن هذا الخبز كان منثورًا فوق الجبال ثم جُمع فصار خبزًا واحدًا، كذلك إجمع كنيستك من أقاصي المسكونة إلى ملكوتك لأن لك المجد والقدرة بيسوع المسيح.
5-) لا يأكلن أحدٌ من كسر شكركم إلاّ المُعمّدون بإسم السيّد لأنه قال لا تعطوا درركم للكلاب.

الوصيّة العاشرة:

1-) بعد أن تشبعوا اشكروا هكذا
2-) نشكرك أيها الآب القدّوس، من أجل اسمك المقدّس الذي سكن في قلوبنا ومن أجل المعرفة والأيمان والخلود، الذي عرفتنا بواسطة يسوع إبنك، فلك المجد إلى الأجيال.
3-) أنت ايها السيّد الكُلي القدرة جبلت الكل من أجل اسمك، أنت الذي أعطيت الغذاء والشراب للبشر للبهجة ليشكروك، ولقد وهبت لنا غذاءً روحيًا وشرابًا وحياةً أبديّة بإبنك يسوع.
4-) قبل كلّ شيء نشكرك لأنّك قوي فلك المجد إلى الأبد.
5-) أُذكر يا سيّد كنيستك لتخلّصها من كلّ شرٍّ وتكمّلها بمحبتك، إجمعها من الرياح الأربعة إلى الملكوت الذي أعددته لها، فلك المجد إلى الأبد.
6-) فلتأتي النعمة وليُطوى هذا العالم، أوصانا رب داود، من كان قدّيسًا فليقبل ومن لم يكن فليتب (ماران أثا) أمين.
7-) للأنبياء الحق في أن يشكروا كما يريدون.

الوصيّة الحادية عشر:

1-) من جاء وعلّمكم كلّ ما سبق فأقبلوه.
2-) أمّا إذا علّمكم تعليمًا مغايرًا بقصد الهدم، فلا تسمعوه. أمّا إذا أراد أن يزيد المعرفة والعدالة بالسيّد فأقبلوه كقبولكم للسيّد.
3-) أمّا عن الرسل والأنبياء فأفعلوا حسب ما جاء فى الإنجيل.
4-) فليكن كلّ رسول يأتيكم مقبولاً كالرّب.
5-) إلاّ أنّه لا يجب أن يبقى أكثر من يومٍ واحدٍ إلاّ إذا كانت هناك ضرورة لبقائه يومًا آخر. إذا بقي ثلاثة أيام فهو نبيٌ كاذب.
6-) لا يجوز أن يأخذ الرسول شيئًا إلّا ما يكفيه من الخبز كزاد لطريقه. إذا طلب فضة فهو نبيٌ كاذب.
7-) لا تنتقدوا ولا تجرّبوا نبيًا يتكلّم بالروح. كلّ خطيئةٍ تُغفر إلاّ هذه الخطيئة.
8-) ليس كلّ من يتكلّم بالروح نبيًا بل الذي يسلك مسلك الرّب. المسلك يميّز بين النبيّ الحقيقي والنبيّ الكاذب.
9-) كلّ نبيّ يأمر بمد طاولة روحيّة ولا يأكل منها هو نبيٌ كاذب.
10-) وكلّ نبي يعلّم الحقيقة ولا يُطبق ما يعلّمه هو نبيٌ كاذب أيضًا.
11-) كلّ نبيٍّ مُجرّب حقيقي يتمّم الأسرار الكنسية على الأرض ولا يُعلّم الآخرين أن يتمّموها لا يجوز أن يُدان منكم، فدينونته من الله. لقد فعل الأنبياء الأقدمون ذلك.
12-) كلّ من قال لكم أعطوني فضةً أو أشياءً أخرى لا تسمعوا له، أمّا إذا طلب من أجل المحتاجين فلا تدينوه.

الوصيّة الثانية عشر:

1-) إقبلوا كلّ من جاءكم بإسم الرّب، ثم أختبروه حتى تحكموا عليه، فالمفروض أن تميّزوا بين اليمين واليسار.
2-) فإذا كان الآتي عابر سبيل فأعينوه قدر ما تستطيعون، ولا يجوز أن يبقى عندكم أكثر من يومين أو ثلاثة إلّا عند الضرورة.
3-) إذا أراد أن يبقى عندكم كصاحب مهنة فليعمل ليأكل.
4-) أمّا إن لم يكن صاحب حرفة فليعمل حسب توجيهكم الحكيم لئلّا يبقى عاطلاً عن العمل كمسيحي يعيش بينكم.
5-) إذا لم يُرد أن يعمل فهو متاجر بالمسيح فأحترزوا من أمثاله.

الوصيّة الثالثة عشر:

1-) كلّ نبييٍّ حقيقي يريد أن يقيم معكم يستحق طعامه.
2-) وكذلك المعلم الحقيقي يستحق كالعامل طعامه.
3-) فلتكن باكورة عصيرك وبيدرك ومواليد أبقارك وأغنامك للأنبياء لأنهم رؤساء كهنتكم.
4-) إذا لم يكن عندكم أنبياء فأعطوا الفقراء.
5-) إذا خبزت فقدّم خبزك حسب الوصية.
6-) إذا فتحت دنك أو وعاء خمرك أو زيتًا فأعط منها أولاً للأنبياء.
7-) وكذلك مالك وثيابك وباكورة حقلك، كما تقول الوصيّة.

الوصيّة الرابعة عشر:

1-) إجتمعوا نهار أحد الرّب وأكسروا الخبز وقدّموا الشكر لله بعد أن تكونوا قد أعترفتم بخطاياكم، لتكون تقدمتكم نقيّة.
2-) من كان على خلاف مع رفيقه عليه أن يتصالح معه قبل أن يدخل الى مجمعكم لئلّا تصبح تقدمتكم باطلة.
3-) لقد قال الرّب فى كلّ مكان قدّموا لي تقدمة طاهرة لأنّي ملكٌ عظيمٌ يقول الرّب وإسمي مُمجد بين الأمم.

 

الوصيّة الخامسة عشر:

1-) أقيموا لكم أساقفة وشمامسة جديرين بالرّب، رجالًا  ودعاء، غير محبّي المال، صميميين مجرّبين أنّهم فى مكان الأنبياء والمعلّمين عندكم.
2-) لا تحتقروهم لأنهم رجال مكرّمون مع الأنبياء والمعلّمين.
3-) وبّخوا بعضكم بعضًا لا بحدّة بل بسلام كما يقول الإنجيل. إذا أهان رجل قريبه فلا تكلّموه ولا تسمعوه قبل أن يتوب.
4-) أقيموا صلاواتكم وقدّموا إحساناتكم، وكلّ ما تعملوه أعملوه حسب إنجيل ربّنا.

الوصيّة السادسة عشر:

1-) إسهروا على حياتكم حتى لا تنطفىء سرجكم ولا تنحل أحقائكم. كونوا مستعدّين دائمًا لأنّكم لا تعرفون الساعة التي يأتي فيها الرّب.
2-) عليكم أن تجتمعوا دائمًا وتطلبوا ما يختص بنفوسكم. إذا كنتم لا تصلون فى النهاية إلى الكمال فلأن الزمان الذي قضيتموه بإيمانكم لم يثمر.
3-) في الأيام القليلة سيكثر عدد الأنبياء الكذبة والمفسدين وستتحول النعاج إلى ذئاب، والمحبّة إلى حقد.
4-) بإزدياد الإثم سيضطهد الناس بعضهم بعضًا، ويطاردون بعضهم بعضًا، عندئذ سيظهر مضلل العالم كإبن لله وسيجترح الآيات والعجائب، وستصبح الأرض بين يديه، وسيرتكب أثامًا لم تقع منذ بدء الأجيال.
5-) عندئذ ستدخل الخليقة كلّها فى نار الإختبار وسيُشكك الكثيرون وسيهلكون، أمّا الذين سيثبتون في الإيمان فسيخلصون عن طريق من كان غرضًا وهدفًا للسباب والشتائم.
6-) عندئذ تظهر إشارات الحقيقة، أوّلاً تنفتح السماوات ويصوّت البوق يقوم الأموات ليس كلّهم.
7-) ولكن كما كتب: وسيأتى الرّب ومعه القدّيسون، وسينظر العالم المخلّّص أتيًا على سحب السماء.