القدّيس زخريّا النبيّ‎



02-08

‎ ‎(القرن ٦ ق.م)‏:

معنى الاسم:

إسم زخريّا معناه " يهوى يذكر" أيّ " الرّب ذكر "، وهو يناسب المرحلة التي تفوّه فيها بنبوءته لأن الرّب الإله ذكر، إذ ذاك، شعبه بعد السبي إلي بابل. 

النبيّ:

هو صاحب النبوءة الحادية عشر من نبوءات الأنبياء الصغار الاثني عشر.
هو معاصر لحجّاي النبي ويسمّيهما البعض "التوأمين بين الأنبياء".
zakهو زخريّا بن عِدُّو. عِدُّو هو أبوه أو جدّه. وقد قيل إن أباه هو برخيا وقد قضى شاباً فتسمّى زخريّا باسم جدّه، وفق العادة المتّبعة، وجدّه أكثر شهرة من أبيه. زخريّا من نسل لاوي.
هو جمع بين الكهنوت والنبوءة. نحميا في ١٦:١٢ يسمِّيه رئيسًا لأسرة عِدُّو الكهنوتية.

نبوءته:

أوّل ما تفوّه زخريّا بنبوءته كان في الشهر الثامن من السنة الثانية لداريوس الملك، وقد امتدّت بين العامين ٥٢٠ و٥١٨ ق.م، قبل تدشين الهيكل من جديد بثلاث سنوات، عام ٥١٥ ق.م.

نبوءته هي في خط نبوءة حجّاي الذي سبقه بقليل ونجح في إحداث يقظة جديدة في النفوس.

هذه اليقظة أشار إليها حجّاي في أوّل نبوءته حيث قال:

"ونبّه الرّب روح زربّابل بن شألنئيل، حاكم يهوذا، وروح يشوع بن يوصاداق، الكاهن العظيم، وأرواح كل بقيّة الشعب، فأتوا وباشروا العمل في هيكل ربّ القوات إلههم" (١٤:١).

زخريّا وطّد هذه الحركة بعدما أصاب عزيمة الشعب إثر الصعوبات التي أخذ يواجهها. وهو يشبِّه زربابل ويشوع بزيتونتين.

يقول الملاك عنهما بلسانه إنهما "المسيحان الواقفان لدى رب الأرض كلها" (١٤:٤).


ماذا تتضمّن نبوءة زخريّا؟:

تتضمّن نبوءة زخريّا أربعة عشر فصلاً مقسّمة، بصورة أساسية، إلى قسمين:

- في القسم الأوّل دعوة إلى التوبة، فثماني رؤى، فمسائل عدة بينها صوم الشعب ورسم آفاق الخلاص. هذه تمتد إلى نهاية الإصحاح الثامن.


- أمّا في القسم الثاني فحملة نبوءات عن هلاك أعداء الله ومجيء المسيح ويوم الرّب وهداية الأمم وبهاء أورشليم.
  نبوءات زخريّا هي أغنى النبوءات قاطبةً عن الرّب يسوع المسيح بعد إشعياء النبيّ.

١- من أبرز ما ورد في النبوءة، في قسمها الأوَّل، الحثّ على التوبة:

- "ارجعوا إليّ، يقول الرّب، فأرجع إليكم... لا تكونوا كآبائكم الذين ناداهم الأنبياء الأوَّلون... فلم يسمعوا ولم يصغوا إليّ" (٣:١-٤).
-"الرّب عاد إلى أورشليم بالمراحم فيُبنى بيته فيها"(١٦:١).
- "مدنه تفيض خيراً من جديد. يعزّي صهيون ويختار أورشليم"(١٧:١).
- من أجل ذلك يرسل ملائكة ليصرع قرون الأمم التي رفعت القرن على شعبه لتنثره (٤:٢).
- أورشليم سوف تكون ملاذاً للكثيرين، وستُسكن بغير أسوار لأن الرّب الإله ارتضى أن يكون لها "سور نار من حولها ومجدًا في وسطها"(٩:٢).
- الرّب حافظٌ لشعبه وغيور عليه. لذا خاطبهم، مطمئنًا، بقوله: "من يمسّكم يمسّ حدقة عيني" (١٢:٢).
- الرّب في وسط شعبه: "فاهتفي إذاً وافرحي يا ابنة صهيون لأن الرّب الإله ارتضى أن يسكن في وسطك وأمم كثيرة تنضمّ إليك وتكون له شعبًا. الرب أجاز آثام شعبه عنه 
  وألبسه ثيابًا فاخرة وجعل التاج الطاهر على رأسه"(٤:٣-٥).
- "الرّب يزيل إثم الأرض في يوم واحد"(١٠:٣). "ولا يحتضن بالقدرة أو بالقوّة بل بروحه"(٦:٤).

وسأل الشعب زخريّا عن الصوم. أيستمرّون في صومهم في الشهر الخامس والسابع كما كانوا يفعلون في بابل تكفيراً؟ ليس الصيام كافياً. "حين تأكلون وتشربون ألا تأكلون لكم وتشربون لكم؟"(٦:٧).

كما كلّم الأنبياء الأوّلون آباءكم بالأمس يكلّمكم الرّب إلهكم اليوم. هذه هي الأمور التي تصنعونها: "كلّموا كلّ واحد قريبه بالحق وأجروا في أبوابكم الحق وحكم السلام، ولا تُضمروا شيئًا في قلوبكم، الواحد لقريبه، ولا تحبّوا يمين الزور"(١٦:٨-١٧).

ويرسم زخريّا في نهاية القسم الأوّل من نبوءته آفات الخلاص الآتي فيُبدي، على قولة ربّ القوّات، إنه في تلك الأيام يتمسّك عشرة رجال من جميع ألسنة الأمم بذيل ثوب يهودي قائلين: "أننا نسير معكم فقد سمعنا أن الله معكم"(٢٣:٨).



٢- في القسم الثاني:

- دخول المسيح إلى الى المدينة المقدّسة:

"ابتهجي جدًا يا ابنة صهيون. اهتفي يا بنت أورشليم. هوذا ملكك يأتي إليك. هو عادل ومنصور وديع وراكب على حمار وعلى جحش ابن أتان"(٩:٩). المسيح الملك والوديع. وهذا ما نقرأه في إنجيل متى (مت ٥:٢١).

صفة المسيح الآتي هذه تحقق نبوءة يعقوب، أب الآباء، في سفر التكوين حين قال عن يهوذا "إنه لا يزول منه رئيس حتى يأتي من يسمّيه "شيلون" أي الأمان، الذي يربط جحشه بالكرمة وابن أتانه بالجفنة" (تك ١٠:٤٩-١١).

هذا والمسيح المتّضع يعكس، في ذاته، الصورة التي يجدر بالشعب أن يكون عليها في آخر الأيام: "اطلبوا الرّب يا جميع بائسي الأرض... أطلبوا البرّ. أطلبوا التواضع لعلّكم تُسترون"(صفنيا٣:٢).
في ذلك اليوم، على ما قال الرّب الإله، "أنزع من وسطك المتباهين المتكبّرين فلا تعودين تتشامخين في جبل قدسي، وأُبقي في وسطك شعبًا متواضعًا فقيرًا فتعتصم باسم الرّب بقية إسرائيل"(صفنيا١١:٣-١٣).

p.83  

- خيانتهم لإلهّهم:

إلى ذلك يصف زخريّا في الإصحاح الحادي عشر كيف بخس الشعب حقّ إلهه. فإنّه رعاهم بالصالحات فلم يفهموا ولم يقبلوا. وإذ شاء أن يبيّن النبيّ مكانة إلههم عندهم، سأل منهم أجرته كراع، فاّتضح لا ظلمهم له وحسب، بل سخريّتهم منه واحتقارهم له أيضًا.
قلت لهم: "إن حسن في عيونكم فهاتوا أجرتي وإلّا فامتنعوا، فوزنوا أجرتي ثلاثين من الفضة" (٣٢:٢١). في إنجيل متى (مت ٣:٢٧-١٠) صدى لهذا الثمن الذي سُلّم السيّد لقاءه.

- الإله المطعون والمجروح لمعاصينا:
 

- ضرب الراعي وتبدّد الخراف:

ويُسأل مسيحُ الرب في شخص زخريّا النبي: "ما هذه الجروح في صدرك؟ فيقول: "هي التي جُرِّحتُها في بيت محبِّيَّ" (زك٦:١٣).
هكذا بدت صورة المسيح الراعي بعدما جرى طعنه: يصير موضع شك وتتبدّد خراف الرعية. لذا أعلن زخريّا قولة ربّ القوات: "اضرب الراعي فتتبدّد الخراف"(٧:١٣). الرّب يسوع في إنجيل متّى اتخذ الآية فأشار بها إلى نفسه: "كلّكم تشكّون فيّ في هذه الليلة لأنه مكتوب أني أضرب الراعي فتتبدّد خراف الرعية"(متى٣١:٢٦).

- الرّب هو الملك:

غير أن عين النبي تبقى في خاتمة السفر (الإصحاح ١٤) على ذلك اليوم الذي سوف يكون فيه الرّب ملكًا على الأرض كلّها. سلطانه من البحر إلى البحر ومن النهر إلى أقاصي الأرض (١٠:٩). يومذاك لا يكون يوم صاف ويوم غائم، بل يوم واحد معلوم عند الرّب. ولا يكون نهار ولا ليل بل يكون وقت المساء نوًا وتخرج مياه حيّة من أورشليم صيفًا وشتاءً وتُسكن أورشليم بالأمان (٦:١٤-١١).

 

رقاد زخريّا:

هذا ويبدو أن عمر زخريّا، في التقليد، كان مديداً، وإنه دُفن بجانب حجّاي النبي. بقي أن نشير إلى أن زخريّا النبي هو غير زخريّا بن يوياداع الذي قتله يوآش الملك (٨٣٦ – ٧٩٧ق.م) حين أوعز إلى الشعب فرجموه في دار بيت الرّب بين المذبح والهيكل بعدما توعّدهم بغضب الله عليهم لتمرّدهم وشرّ قلوبهم. (انظر ٢ أي ٢٠:٢٤-٢٢).