رسالة صاحب الغبطة البطريرك كيريل بطريرك موسكو…



رسالة صاحب الغبطة البطريرك كيريل بطريرك موسكو وسائر روسيا


صاحبَ الغبطة

    أيها الأخُ المحبوبُ بالمسيح والمشاركُ في الخدمة لدى كرسي الله بتدبيرٍ رباني، وبإرادة المجمعِ المقدسِ للكنيسةِ الأرثوذكسية الانطاكية وبقيادة الروحِ القدس، أنتم مدعوون للخدمةِ البطريركية وستجلسون الآن على الكرسي الموروثِ المُمجَّدِ لهامَتَي الرسل بطرس وبولس في المصيرِ الذي اختاركم الله له.


    إنه وفي انطاكية: سَمّوا أتباعَ مخلصِ العالمِ بمسيحيين. وإذ تمسَكَتْ بحزمٍ بالمعتقد (عبرانيين 4 – 14) الذي تَعلمَتْهُ من الرُسُلِ القديسين، فالكنيسةُ الانطاكية وبدماءِ أبنائِها الكُثرِ رسَّختْ قوةَ الإيمانِ الذي لا يُقهر.


إن الجماعةَ المسيحيةَ في مدينة انطاكية العظمى كانت الأكبرُ في العالم وقد تمجّدتْ بالعديدِ من القديسين البارزين واللاهوتيين والمجاهدين.


إن الكنيسةَ الانطاكيةَ من خلالِ أعمال السعيديي الذكر أسلافِكم أصحابَ الغبطة البطاركة، الكسندروس، ثيوذوسيوس، إيليا واغناطيوس، نشرَتْ رسالَتَها الخلاصية بعيداً عن حدودِ سوريا ولبنان وأراضٍ أخرى في الشرق. إن رعايا الكنيسة المقدسة الانطاكية تضمُّ اليومَ الانتشارَ العربي في أوربا الغربية، وأمريكا، وأوستراليا وقد اعتنق الأرثوذكسية الآلافُ من الناس وذلك بفضلِ عظاتها التي تمت بغيرةٍ رسوليةٍ حقيقية.


إن هذه الرعايا المنتشرةَ ائتمنَها الربُ لتكونَ اليومَ بعنايةِ غبطتِكم.


إنكم تستلمون الخدمةَ الرئاسيةَ الرفيعةَ المسؤولةَ في أوقات غيرِ سهلةٍ لمسيحيي الشرقِ الأوسط إذ إن إيمانَهم يتعرضُ مجدداً للتجاربِ في حين أن شروطَ الحياةِ في أوطانِهم أصبحتْ أكثرَ تعقيداً.


في هكذا أحوال إن كل من تقعُ عليه مسؤوليةٌ كنسيةٌ يُصلبُ بالحقيقة مع المسيح وفي الوقتِ ذاته ولعملهِ من أجل الرب يَأخُذ أُجْرةً ويجمعُ ثماراً للحياة الأبدية (يوحنا 4 – 36).


إن خدمة رئيس الكنيسة صعبةٌ بوجه خاصٍ، إذ عليه شخصياً أن يُمثّل ويدافعَ عن كل الكنيسة التي يُغذي روحياً، بعلاقاتٍ متبادلةٍ مع محيطهِ الذي لا يكون دوماً محباً للصداقةِ والسلام.


في هذه الحالة الغير العادية لنْ تبقى الكنيسةُ المقدسةُ الانطاكيةُ وحيدةٌ.


إن العلاقاتِ الأخويةَ، والمحبةَ الإنجيليةَ، التي تربُط أتباعَ المسيح تظهرُ بوضوحٍ في سني التجارب. إن الكنيسةَ التي عبطتُكم ترئسون في سوريا ولبنان يمكنها دوماً أن تعتمدَ على مساندة الكنيسة الأرثوذكسيةِ الروسيةِ لها، كما حصل ذلكَ وليس لمرةٍ عبر التاريخ.
موجهاً إلى حفلِ ارتقائكم المهمّ للسدّة البطريركية الانطاكية وفدَ كنيستنا. أنقل معه بالصلاة تمنياتي كيما تُعطوا المناعةَ النفسيةَ والقوةَ الجسدية في بدءِ خدمتِكم.


فليُنعم الربُ على رئاستِكم للكنيسة الانطاكيةِ المقدسة، بعودة السلام لأرضِ المشرق القديمة، وليُكثرْ بين شعوبها، ثباتاً في الإيمان ونجاحاً في حُسن العبادة لكُم ولكلِّ من اؤتُمنتم عليهم من إكليروس وشعب.

+ بمحبة أخوية بالمسيح
كيريل
بطريرك موسكو وكل الروسيا