رفع الصليب الكريم المحيي



09-14

خبره:
يرتبط بهذا العيد عدد من الأحداث التاريخية المتباعدة. أول هذه الأحداث أن قسطنطين الملك، كان يستعد لمواجهة خصمه مكسنتيوس ودخول روما, أبصر, في السماء، ذات ليلة علامة الصليب المحيي في هيئة نورانية وهذه الكتابة من حولها: (بهذه العلامة تغلب). فاتخذها شعاراً رفعه على بيارق جيشه وانتصر.
‏‏ثم انه في السنة العشرين من حكمه أوفد بعثة برئاسة والدته إلى الأرض المقدسة ملتمسا عود الصليب ذاته. وبعدما أجرت البعثة استطلاعاً أولياً، تبين لها أن القول الشائع بين العامة والمتناقل, أباً عن جد، يفيد أن الصليب مدفون تحت هيكل فينوس الذي كان قد بناه الإمبراطور إدريانوس في النصف الأول من القرن الثاني للميلاد. وباشرت البعثة بالحفر واستمرت فيه إلى أن وقعت على ثلاثة صلبان, لا واحد. فحارت هيلانة، والدة قسطنطين, في أمرها, أياً من الثلاثة يكون صليب الرب يسوع. في تلك الأثناء كانت جنازة مارة في الجوار, فقام مكاريوس, أسقف المدينة (+ 331 ‏)، إلى الجنازة فوقف المشيعون. ثم جيء بأعواد الصليب، الواحد تلو الآخر, فمس القديس مكاريوس بها الجثة. وما أن وقع على الميت أحد هذه الصلبان حتى ارتعش وعادت روحه إليه. فأيقن الجميع في ذهول أن هذا هو صليب الرب يسوع حقاً. ويقال أيضاً أن امرأة كانت في حال النزع الأخير وضع الصليب عليها فشفيت لتوها. فقام الأسقف مكاريوس ورفع الصليب عالياً بكلتا يديه وبارك به الشعب, فخرج من الشعب صوت واحد هاتفا: (يا رب ارحم )! ومنذ ذلك الحين رسم الآباء القديسون. أن يحتفل برفع الصليب الكريم في كل الكنائس, كل عام, في مثل هذا اليوم.
‏ثم إن الملك خسرو الفارسي غزا أورشليم في العام 614 ‏فأخذ عبيداً كثيرين, كما استولى على عود الصليب وعاد به إلى عاصمته المدائن حيث بقي أربعة عشر عاماً إلى أن تمكن الإمبراطور البيزنطي هرقل من دحر خسرو واسترداده.
‏على أن العيد ليس احتفالاً باكتشاف عود الصليب ورفعه أو استرداده وحسب، بل بما تحقق به. فبالصليب (أتى الفرح إلى كل العالم), وبالصليب رفع اليد (كل طبيعة ادم الساقطة) ‏(مسترداً جميع البشر). بالعود, تم تدبير الله الرهيب من أجلنا. بهذا المعنى تقول أنشودة نرتلها في صلاة المساء الكبرى، عشية العيد, ما يلي: ‏هلمُّوا يا جميع الشعوب نسجد للعود المبارك الذي به تم العدل السرمدي. لأن الذي خدع آدم, الجد الأول, بالعود, خدع بالصليب, والذي تمرد فاستعبد الجبلة الملكية سقط مصروعاً سقطة مريعة, وبدم الله غسل‏ سم الحية، وبالقضاء على الصديق ظلماً اضمحلت اللعنة المقض بها عن عدل، لأن العود وجب أن يشفى بالعود، وآلام المحكوم عليه بالعود وجب أن تضمحل بآلام المنزه عن الآلام. فالمجد لتدبيرك الرهيب من أجلنا أيها المسيح الإله الذي به خلصت الجميع...).