✥ تذكار ظهور الصليب المقدّس في سماء اورشليم (351م)



05-07

 إثر وفاة القديس الإمبراطور قسطنطين الكبير، شغل العرش الملكي ابنه قسطنديوس. هذا مال إلى الآريوسية التي تنكّرت لألوهية الرب يسوع ومساواته، في الجوهر، لله الآب. في هذا الإطار جرى ظهور الصليب المقدّس في سماء أورشليم من باب تأكيد الإيمان الأرثوذكسي القويم كما ورد في التراث. ففي أحد العنصرة من السنة 351م والذي وافق في تلك السنة العشرين من شهر أيار، عند الساعة الثالثة صباحاً، أو التاسعة وفق توقيتنا، ظهر رسم صليب الرب يسوع، بأضلاعٍ متساوية، في سماء أورشليم وكان يشعُّ على نحو يتعذّر التعبير عنه، وكان كما قيل أشدُّ بهاءً من نور الشمس. كل الشعب شهد الحدث وأُصيب بالدهش والمهابة والعظمة. بدأ ظهور علامة الصليب فوق الجلجثة حيث كان ربّنا وإلهنا قد صُلب وامتدّت من هناك خمسة عشر فرسخاً. كانت ألوان الصليب ألوان قوس القزح. خرج الناس خارج بيوتهم وأعمالهم ووقفوا يتأمّلون العلامة العجيبة. ثم إن جمهوراً كبيراً اندفع بفرح ورعدة صوب كنيسة القيامة المقدّسة. نقل القديس كيرللس الأورشليمي الخبر إلى مرسلي الإمبراطور قسطنديوس، وحثّه بواسطتهم إلى العودة إلى الإيمان الأرثوذكسي القويم. المؤرّخ سوززمينوس أفاد أنه بتأثير ظهور الصليب المقدّس، اهتدى العديد من اليهود والوثنيين إلى الإيمان الحق فتابوا واعتمدوا.

 

رسالة القدّيس كيرلس رئيس أساقفة القدس (القرن الرابع) إلى الملك قسطنطينوس الكليّ الوقار حول ظهور علامة الصليب من النور في السماء بالقدس:

إلى الملك قسطنطينوس أفغوسطوس المحبوب من الله الكليّ الورع من كيرلس رئيس أساقفة القدس:

" إفرح بالرّب، لقد وجدت خشبة الصليب الخلاصيّة في القدس في عهد والدك قسطنطين المحبوب من الرّب والمطوّب الذكر.

فقد منحت النعمة الإلهيّة لوالدك الذي كان يتحلّى بالورع والوقار ظهور الأماكن المقدّسة المخفيّة.

 فإليك أيّها الملك الكليّ الوقار يا من فاق ورعك تقوى أسلافك، بالنظر لعظم ورعك نحو الله الوحيد. لذا فقد ظهرت العجائب من السماء وليس من الأرض. إن صليب ربّنا ومخلّصنا يسوع المسيح ابن الله هو ظفر الموت وقد ظهر في القدس مبرقًا بلمعان بهيّ.

أذن، في أيام الخمسين المقدّسة هذه ( أوائل أيار) ونحو الساعة الثالثة (التاسعة صباحًا) كان يظهر صليب ضخم مصنوع من النور في السماء فوق الجلجلة، وامتّد حتى جبل الزيتون ولم يظهر لواحد أو إثنين فقط ولكن لكل جماهير المدينة إذ ظهر عيانيًّا.

ليس كما كان على البعض أن يعتقدوا، كما ولا ينبغي أن يدور بخلد أحد أن الصليب قد ظهر وأختفى فجأة كالخيال الذي يمر بسرعة، ولكنّه ظل ساعات طويلة فوق الأرض تبصره العين المجرّدة.

إذ غلب أشعة الشمس بلمعانه البهي. وأن لم تكن أشعّته أقوى من أشعّة الشمس، حينذاك لغلبته الثانية.

حينئذ هرع جمهور المدينة إلى الكنيسة المقدّسة مملوءًا بالفرح الممزوج بالخوف من الرؤيا الإلهيّة. وكان يتكوّن هذا الجمهور من الشباب والشيوخ، والرجال والنساء، ومن سائر أنواع الأعمار حتى الفتيات اللاتي كن يقمن في البيوت من السكّان المحليّين والغرباء مسيحيين كانوا أم أمميّين منحدرين من أماكن مختلفة.

وكان الكلّ معًا وبفمٍ واحدٍ يسبحون ربّنا يسوع المسيح ابن الله الوحيد المجترح العجائب، واعترفوا بالعمل والخبرة ان الديانة المسيحيّة الكليّة الوقار ليست متأتية عن أقوال اقناعية، ولكنّها صادرة عن براهين، والروح غير موعوظ بها من أناس فقط، بل من الله مشهود لنا في السنة الخلاصيّة 351م.