رسالة صاحب الغبطة إيرونيمس الثاني، رئيس أساقفة…



رسالة صاحب الغبطة إيرونيمس الثاني، رئيس أساقفة أثينا وكل اليونان


صاحب الغبطة،

إن اعتلاءكم كرسي أنطاكية الرسولي البطريركي المتألّق قد أفعم قلبي فرحًا وقلوب أصحاب السيادة مطارنة كنيسة اليونان، والتي يَنقُل فرحها إليكم شخصيًّا وإلى كل كنيسة أنطاكية أخونا المحبوب بالمسيح وعضو المجمع المقدس ميتروبوليت كيلكيس السيد عمانوئيل.

من بعد رقاد سلفكم الوقور والحكيم في بطريركية أنطاكية  هذه، السيد إغناطيوس، أظهرَتكم نعمة الإله المثلث الأقانيم بطريركًا لهذه البطريركية المجيدة التاريخية، التي لعبت دورًا هامًّا في تاريخ الكنيسة والتي هي إحدى الحواس الخمس –البطريركيات الخمس- في جسد المسيح المبارك، أي الكنيسة. وبالطبع فإن هذا الانتخاب قد أجري باحترامٍ لأسس كنيستنا، وبكل ترتيب. نمجّد الله على عطيته ونعمته، التي يرسلها إلى أعضاء جسده، كونه رأس الكنيسة.

صاحب الغبطة، كما تعرفون جيدًا، فإن الأسقف ولا سيما الأول في كل كنيسة هو "حامل كهنوت المسيح الاستشهادي". كهنوت المسيح مضمّخ بالدم من ذبيحة الجلجلة، وهو يقدّم ذبائحيًّا وبشكل لا ينضب للمؤمنين، ويقتادهم إلى الخلاص. حلته حمراء، ولكن بهية كالنور.

هذا الكهنوت الاستشهادي يشارك فيه كل أسقف، لا سيما البطريرك. وهذا الصليب هو مجد الإكليركيين والكنيسة. القديس يوحنا الذهبي الفم وليد مدينة أنطاكية المجيدة، يتساءل في سياق كلامه على حياة المسيحيين والإكليركيين المصلوبة والقائمة: "من هوإذن الصائر خصّيصًا للمسيح وشريكًا له؟" فلتسلكوا الطريق الاستشهادية منذ انتخابكم وتنصيبكم، ولكن طريق الصليب تقود إلى القيامة.

قد عرفناكم روميًّا عربي اللسان درس اللاهوت الأرثوذكسي ههنا وفي تيسالونيكي. وقد التقيناكم في بستان الكلية القداسة، الجبل المقدس. لقد افتخرنا بكم أستاذًا وعميدًا لمعهد القديس يوحنا الدمشقي اللاهوتي لبطريركية أنطاكية، وقد أعجبنا بكم في لقاءاتنا المختلفة. كما عاينّا في كل مكان الإكليركيَ غير المعاب، اللاهوتيَ الألمعي، الأب الروحي الحنون، الكاهن والأسقف النشيط الغيور، تلميذ الآباء القديسين الممتاز، والرومي التقليدي. كيف لا نرفع التسبيح والحمد للإله المثلث الأقانيم؟ وكيف لا نشكر أم المسيح الكلية القداسة؟ كيف لا نكرّم رؤساء الكهنة الذين أكرموكم بصوتهم الكريم ومحبتهم؟

صاحب الغبطة والأخ المحبوب بالرب السيد يوحنا،

في غمرة هذا الفرح، وعند ابتداء خدمتكم البطريركية، نتذكر كلمات القديس إغناطيوس الأنطاكي إلى القديس بوليكربس أسقف إزمير: "كن يقظًا كمجاهد للمسيح... قف راسخًا كالسندان تحت اللطم، إن المجاهد الذي يُلطم فينتصر لعظيمٌ هو. فإنه ينبغي لنا أن نحتمل كل شيء من أجل الله، لكيما يحتملنا هو. كن بالحري مثابرًا، إعتبر الأزمنة. إرتج مَنْ هو فوق الزمان، غير المحدود في زمنٍ، وغير المنظور، الصائرَ من أجلنا منظورًا..."

ليكن زمان بطريركيتكم مديدًا ومباركًا لمجد الله، ومجد الكنيسة، وخلاص المسيحيين الأرثوذكسيين.

إلى أعوام عديدة.

+إيرونيمس رئيس أساقفة أثينا وكل اليونان