تذكار جامع للرسل الإثني عشر

2015-06-30

في الثلاثين من شهر حزيران تعيّد الكنيسة الأرثوذكسيّة للرسل الإثني عشر.  

جاء في الإنجيل أن ربّنا يسوع المسيح اختار اثني عشر رجلاً دعاهم رسلاً، وهذه أسماؤهم:  سمعان المدعو بطرس واندراوس أخوه ويعقوب بن زبدى ويوحنا أخوه وفيلبّس وبرتلماوس وتوما ومتى العشار ويعقوب بن حلفى وتداوس وسمعان القانوي ويهوذا الاسخريوطي الذي أسلمه ( متى ١۰ : ١ ــ ٤ ).

وبعد خيانة يهوذا الإسخريوطي، حلّ متياس الرسول مكانه (أعمال26:1).

1- الرسول بطرس (عيده في 29 حزيران): اسمه أيضًا سمعان أو صفا، ويعني الصخرة. عاش في بيت صيدا وكفرناحوم وكان صيّادًا. أخبره أخوه أندراوس عن يسوع، فلمّا رآه الربّ قال له: أنت سمعان بن يونا. أنت تُدعى صفا الّذي تفسيره بطرس"(يو1: 42). فيما بعد دعاه مع أخيه ليتبعاه.

برز بطرس بين الرسل لاعترافه بالمسيح أنّه ابن الله الحيّ. فقال له السيّد: أنت  بطرس -صخرٌ- وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي أي صخرة الإيمان بالرّب يسوع والاعتراف به.

كان أحد الثلاثة المتقدّمين بين الرّسل الّذين كشف لهم الربّ قدرة لاهوته.
أنكر السيّد ثلاث مرّات ولكنّه ندم وتاب فاستعاده الربّ وجعاه ليرعى خرافه الناطقة.
بعد العنصرة ألقى خطبة تأسيسيّة آمن على إثرها ثلاثة آلاف شخص، وهكذا تأسّست أوّل جماعة كنسيّة. 
بشّر في فلسطين وآسيا الصغرى وإيطاليا.
صنع عدة عجائب (ظلّه كان يشفي).
حُكم عليه بالموت من الإمبراطور نيرون حوالي سنة ٦٧م، وطلب من صالبيه أن يصلبوه رأسًا على عقب لأنّه اعتبر نفسه غير مستحق أن يُصلب كسيّده.

2- الرسول يوحنّا الإنجيليّ اللاهوتيّ الحبيب (عيده في 26 أيلول و8 أيّار): هو ابن زبدي الصيّاد وصالومة وأخو يعقوب الرسول. من بيت صيدا. دعاه الرّبّ يسوع مع أخيه لأن يتبعاه ويصيرا صيّادي الناس. لقّبه وأخاه يعقوب "بابني الرعد". بعد رقاد العذراء ذهب للتبشير في آسيا الصغرى وعاش في أفسس. عذّبه الإمبراطور دوميتيانوس فلم يتأثّر، فخاف الإمبراطور ونفاه إلى جزيرة بطمس.
رقد في الرّبّ بعمر متقدم في حوالي سنة ٩٥م.

Twelve_Apostles01 هو كاتب إنجيل يوحنّا، ورسائل يوحنا الثلاث ورؤيا يوحنا.

3- الرسول يعقوب بن زبدي (عيده في 30 نيسان): أخو يوحنّا اللاهوتيّ. كان صيّاد سمك. وفيما هو يصلح الشباك مع أخيه يوحنّا، دعاه الربّ يسوع لأن يتبعه، فترك الصيد وأباه، وتبعه فورًا.

بشّر في عدة أماكن (أورشليم واليهوديّة) حتى حدود اسبانيا.

قُطع رأسُه حوالي  سنة 45 في أورشليم بأمر هيرودس أغرابيا، ويُعتقد أن ذخائره محفوظة في إسبانيا.

4- الرسول اندراوس (عيده في 30 تشرين الثاني): هو أخو بطرس الرسول. كان صيّاد سمك من بيت صيدا في الجليل، وهو في الأصل تلميذ يوحنا المعمدان. سمع المعمَدان يقول عن المسيح: هوذا حمل الله الّذي يرفع خطيئة العالم، فتبع الرّب يسوع. كما أنّه دعا أخاه بطرس قائلا: لقد وجدنا المكتوب عنه في الكتب.

بشّر الإنجيل في سكيثيا وبيزنطية والأراضي على طول نهر الدانوب وروسيا وحول البحر الأسود، وأخيرًا في اليونان.

عذبّه الحاكم إيجيتوس وصلَبَه. ويُظَنّ أن صليبه كان بشكل حرف x ويعرف اليوم باسم "صليب القدّيس اندرواس".

5- الرسول فيلبُّس (عيده في 14 تشرين الثاني): كان أيضًا من بيت صيدا. وجده يسوع وقال له اتبعني. يبرز في الإنجيل بقوله ليسوع: "أَرِنا وجه الآب وكفانا".

بشَّرَ في مناطق عدّة في آسيا الصغرى واليونان حيث حاول اليهود قتله، ولكنّ الرب أنقذه بعجائب كثيرة، منها تحويل رؤساء اليهود إلى عُميان وإحداث زلزال عظيم فتحَ الأرض فابتلعت مُضطهدي فيلبس.

في بلدة Phrygia عمل فيلبس مع الرسول يوحنا اللاهوتيّ، وأخته مريامنا والرسول برثلماوس. بصلاته قتل أفعى سامة كان الوثنيون يعبدونها. فهجم عليه الوثنيون وصلبوه منكّس الرأس على شجرة، ومن ثم صلبوا برثلماوس أيضًا. فانفتحت الأرض وابتلعت القاضي وآخرين معه. سارع الوثنيون وأنزلوا برثلماوس حيًّا قبل موته، أما فيليبس فكان قد أسلم الروح في العام 86، أيام الإمبراطور دوميتيانوس.

6- الرسول برثلماوس (عيده في 11 حزيران): برثلماوس هو إيّاه نثنائيل المذكور في إنجيل يوحنا وهو من قانا الجليل. وجده فيلبوس، فقال له عن يسوع. فأجابه نثنائيل: هل من الناصرة يخرج شيء صالح؟ وله قال الربّ، أنت إسرائيليّ لا غشّ فيه. بقي رفيق فيلبُّس الرسول في الكرازة. بشّر في آسيا الصغرى والهند وأخيرا في أرمينيا حيث استشهد مصلوبًا، ثم قُطعت رأسه.

7- الرسول توما (عيده في 6 تشرين الأول): يٌلقَّب بالتوأم. وهو المعروف لشكّه بظهور السيّد بعد القيامة، ثمّ اعترافه به ربًّا وإلهًا. يُقال إنّ الرسل ألقوا قرعةً ليعرفوا أين يمضي كلّ واحد منهم للتبّشير. فكان نصيب الرسول توما الهند. فحزن لأنه سيبتعد كثيرا عن فلسطين. فظهر المسيح له معزيًّا. أسّس توما كنائس ورسم أساقفة واستُشِهد في الهند.

8- الرسول متّى الإنجيليّ (عيده في 16 تشرين الثاني): اسمه لاوي بن حلفى. تبع يسوع الذي دعاه فيما كان عشّارًا أي جابي ضرائب اعند الرومان (متى 9: 9، لوقا 5: 27- 28).

بشّر الإنجيل في بلاد فارس واثيوبيا حيث يُظَنّ أنّه رُسِمَ أُسقفًا. كتب الإنجيل المعروف باسمه. مات شهيدًا. يُقال إنّه بشّر منبِج السورية ومات طاعنًا في السن.

9- الرسول يعقوب بن حلفى (عيده في 9 تشرين الاول): يظنّ بعض الدارسين أنّه أخو متّى الإنجيليّ الرسول، المذكور في إنجيل مرقس باسم "لاوي بن حلفى". أصابته القرعة ليبشر في فلسطين  والمناطق المجاورة، ثم في مصر. اضطُهِدَ في مصر وصلبه الوثنييون.

10- الرسول سمعان الغيور (عيده في 10 آيار): ذكره قليل في الكتاب المقدّس. قبل أن يتبع يسوع، انتمى إلى جماعة الغيورين المناهضة للاحتلال الروماني. بعد العنصرة، بشّر في موريتانيا وليبيا. عُذّب وصُلب.

11- الرسول يهوذا (عيده في 19 حزيران): في العهد الجديد (لوقا 6: 16 وأع 1: 13) يُنسب إلى يعقوب، وفي التارث أنّه أحد أبناء يوسف خطيب مريم. يدعى تدّاوس أيضًا أو لبّاوس في الأناجيل.  تُنسب إليه الرسالة الواردة باسمه في العهد الجديد. بشّر في اليهودية والسامرة وسوريا والعربية وبلاد ما بين النهرين وأرمينيا. وبشّر في أديسا (الرها) وصلب في أرارات، وبعضهم يقول في فارس. طعن بالسهام فمات.

12- الرسول متّياس (عيده في 9 آب): كان في عداد السبعين رسولاً. بعد قيامة الرب يسوع وخيانة يهوذا وانتحاره، وقعت القرعة على متّياس ليُحصى بين الإثني عشر (أعمال 1: 23). بشّر في اليهودية ثم اثيوبيا حيث تألّم وفي مقدونية. حكَم عليه حنانيا رئيس الكهنة (الذي قتل الرسول يعقوب) بالموت في اليهودية ورجمه ثم قتل بقطع الرأس بفأس.

رقم 12 في الكتاب المقدّس:

- في العهد القديم نجد شعب إسرائيل مقسّمًا إلى 12 سبطًا (بحسب أولاد يعقوب تك 49).

- عند خروج بني إسرائيل من أرض مصر، وفي بداية ارتحالهم في بريّة سيناء، بعد عبورهم البحر الأحمر، "جاءوا إلى إيليم وهناك اثنتا عشرة عين ماء وسبعين نخلة" (خر27:15).

- اثنا عشر هم التلاميذ الذين اختارهم الربّ وجعلهم شهودًا لتعليمه وعجائبه وأرسلهم  ليكرزوا بملكوت الله مسبغًا عليهم سلطان طرد الأبالسة وشفاء المرضى (مت 10).

هم الذين سيجلسون على كرسي مجد ابن الإنسان ويدينون أسباط إسرائيل (متى28:19).

هم أرسلهم الرّب بعد قيامته ليذهبوا إلى العالم أجمع ويكرزوا بالإنجيل للخليقة كلّها ويعمّدوا كلّ الأمم باسم الآب والابن والروح القدس.

 - قال الرّب يسوع لبطرس: "أتظن أني لا أستطيع أن أطلب إلى أبي فيقدّم لي أكثر من اثنيّ عشر جيشًا من الملائكة؟" (مت53:26).

- نقرأ في سفر الرؤية عن المدينة العظيمة أورشليم المقدّسة النازلة من السماء من عند الله : كان لها سور عظيم وعال وكان لها اثنا عشر بابًا وعلى الأبواب اثنا عشر ملاكًا واسماء مكتوبة هي اسماء اسباط بني اسرائيل الاثني عشر. (رؤ 12:21).

- وفي سفر الرؤيا أيضًا كلام حول العرش في السماء، أربعة وعشرين قسيسًا في أيديهم مجامر وقيثارات، ويرفعون بخورًا أمام الله هو صلوات القديسين (رؤ8:5).

 

تفسيرات أخرى:

ap12 - هناك من يفسّر أن رقم 24 هو ضعف رقم 12 لأن النهار على الأرض اثنتا عشر ساعة، أمّا في السماء فليس هناك نهار وليل، بل نهار دائم يرمز إليه رقم 24 (رؤ25:21).

كذلك المئة وأربعة وأربعون ألفًا 144000 الأطهار (رؤ4،3:14)، الذين ظهروا في المشهد السماوي يتبعون الحمل (المسيح) أينما ذهب، هؤلاء هو 12×12=144 مضاعفة ألف مرة. فهؤلاء عاشوا حياة منيرة غير دنسة (12 ساعة في نور النهار)، وما فيها من نور هو بحسب الإيمان الرسولي (×12 رسول)، ويصعب حصر عددهم لكثرتهم (ألوف).
 
وهذا يذكّرنا بتوبة أهل نينوى الذين قال عنهم الله: أنهم اثنتا عشرة ربوة من الناس أي مائة وعشرون ألفًا.(يونان11:4)  وهو رقم 12×1000×10، ويرمزون إلى الذين يحبّون حياة النور بالتوبة في أفواج يصعب حصرها (عشرات ألوف).

ملاحظة: الشعب اليهودي في العهد القديم في جمع 12 سبطًا ولكن في إطارٍ محدود، بالمقابل تكونت الكنيسة في العهد الجديد بإثني عشر رسولًا  للمسكونة كلّها.

كما من الملاحظ أن السنة تتكون من اثني عشر شهرًا، أيّ أن الزمان يكمل بالنسبة للأرض بالاثني عشر شهرًا. فتكمّل الأرض دورة كاملة حول الشمس، وتكمل كلّ فصول السنة بكلّ ما فيها من متغيّرات. ونلاحظ أيضًا أن النهار يتكون من اثنتي عشرة ساعة، كما قال السيد المسيح: "أليست ساعات النهار اثنتي عشرة، إن كان أحد يمشي في النهار لا يعثر، لأنه ينظر نور هذا العالم، ولكن إن كان أحد يمشي في الليل يعثر لأن النور ليس فيه" (يو10،9:11).  إن السيد المسيح هو نور العالم، والبشارة بالإنجيل هي نور العالم، ولهذا فقد حمل الاثنا عشر تلميذا هذا النور، ونشروه في المسكونة لإنارتها.

فكأنّهم كانوا اثني عشر ليحملوا أنوار ساعات النهار الاثني عشر، كقول الرّب عن يوحنا المعمدان: "كان هو السراج الموقد المُنير، وأنت أردتم أن تبتهجوا بنوره ساعة" (يو35:5).

وهناك من يذهب أكثر في النفسي ليقول أنّه إذا ضربنا رقم 3 الذي يشير إلى الثالوث القدّوس بالرقم 4 الذي يشير إلى أربع اتّجاهات المسكونة يتكّون عندنا الرقم 12 الذي يجمع عمل الثالوث القدّوس في خلاص  كلّ البشرية، وكلّ المسكونة من مشارق الشمس إلى مغاربها ومن الشمال إلى الجنوب.

خلاصةً: مهما كثرت التفاسير حول الأرقام ومعانيها، يبقى الشيء الآكيد وهو: "في كلّ الأرض خرج منطقهم، وإلى أقصى المسكونة بلغت أقوالهم" (مز4:19).