فَبَيتُ ابنِ المَتنِ هُوَ بَيتٌ لاِبنِ حِمص، كما…



2013-07-23

عظة صاحب الغبطة في زيارته للمتن

يا أهل المتن، يا أهل متن الساحل.

أحيّيكم جميعاً وبركة الرب تشملكم أجمعين.

أهل متنِ السّاحل الموجودون في القرية، والموجودون في كُلِّ أصقاعِ العالَم، في فنزويلا وأميركا وكندا وأوربا، وحيثما وُجدوا، يحملونَ المحبّةَ في صدورِهم. حيثما حَلُّوا، هم شُهُودٌ وَرُسُلٌ لمحبّةِ قريتِهم وبلدِهِم.

صاحِبَيِ السّيادة أثناسيوس وأفرام، قدسَ الأبِ إغناطيوس خادمَ هذه الرعيّةِ المحروسةِ في الرّبّ، قدسَ الآباءِ الأجلّاءِ الموجودين معنا، حضرةَ أعضاءِ مجلسِ الرعيّةِ المحترمين، أيّها الشّعبُ الطيّب المجتمعُ هنا معنا اليوم في هذه الكنيسةِ المقدّسة، دُونَ أن ننسى أحبّاءنا في (....) وفي عبدة وحصين البحر وكل المنطقة الحبيبة. من هذا المنبرِ الشّريف في هذه الكنسية المقدّسة، أحيّيهم جميعاً، حماهم الله وباركهم وباركنا جميعاً.

لَكَم أنا مسرورٌ لرؤيةِ هذه الوجوه الطيّبةَ التي أعرفُها منذ زَمَنٍ بعيد، منذ أنْ كنتُ فتىً يافعًا! أذكر تلك الأيّامَ حِينَ كانَ المثلّثُ الرّحماتِ البطريرك إغناطيوس الرابع مطراناً على اللاذقيّة، كُنّا نرافقُه في زيارتِهِ لَكُم. كما يُنعِشُني تَذَكُّرُ زياراتِنا لَكُم بِمَعيّةِ سيّدنا يوحنّا الرّاعي الحاليّ، أطالَ اللهُ بِعُمرِه. ما عَهِدْنا فيكُم إلّا المحبّة، رأيناها في وجوهِكُم وعائلاتِكُم، في خدمتِكُم وتضحياتِكُم، وعطائِكُم، وكُلِّ خِصالِكُمُ الطيّبة.

عند دخولي الكنيسة، شاهدت فتاة من بَناتِنا الطيّبات واقفةً أمامَ الأيقونة عند مدخل الكنيسة، تُضيءُ شمعةً. والشّمعةُ رمزٌ لِنُورِ رَبِّنا نَبعِ الأنوار، كما أنّ ذَوَبانَها رمزٌ لتخلّي المؤمنِ عن ذاتِه في سبيلِ محبّةِ أخيه. لأنَّ المحبَةَ ليست قَولًا، بَل هِيَ عيشٌ، هي سيرةُ حياة، هي أفعال، هي تُتَرجَمُ بالعطاءِ والتّضحيةِ والرحمةِ والغُفران. هِيَ وَضعُ اليَدِ باليَد، لِكَي يَكُونَ القَلبُ معَ القَلب.. لِكَي نُحِبَّ بعضُنا بعضًا بِقُوّة، فيرى النّاسُ أنّنا عائلةٌ واحدة. ونحيا بالفضيلة، ويكونُ ذلك رسالةً نقدّمُها لأنفسنا، وللنّاسِ أَجمَع

دُعائي وصَلاتي لِلرّبِّ دَوماً أن يَزِيدَكُم بَرَكَةً فوقَ بَرَكَةٍ وَنِعمةً فوقَ نعمة، ويُعطِيَكُم مِن خَيراتِهِ السّماويّةِ والأرضيّة، ويَحفَظَكُم في الصّحّة، ويُوَفِّقَ أُمورَكُم دوماً.

لا يمكنُ أن نَنسى احتضانَكُم لأبنائنا الّذين وَفَدُوا من المناطق المختلفة تارِكِينَ بُيُوتَهُم لأسبابٍ قاهرة. فقد عبّرتُم، في ظلِّ هذه الظّروفِ القاسيةِ الّتي نَمُرُّ بها، هذا الامتحانِ العَسِير، عن محبَّتِكُم ورُوحِكُم المسيحيّةِ الأصيلة. وها هُم موجودون بينَكم، وهذا خَيرُ تعبيرٍ عن وحدَتِنا وتضامُنِنا؛ فَبَيتُ ابنِ المَتنِ هُوَ بَيتٌ لاِبنِ حِمص، كما أنّ بَيتَ ابنِ حِمصَ هُوَ بَيتٌ لاِبنِ المَتن.

أَختُمُ يا أحبّةُ بِصَلاتِنا وَدُعائِنا إلى الرّبِّ، سَيِّدِ الحَياةِ والمَوت، رازِقِ الخيراتِ والصّالحات، أن يَفتَحَ قلبَ كُلِّ واحدٍ مِنّا في سورية الحبيبة، ويَجعلَ بَرَكاتِ السّماءِ في قَلبِه، لِيَعُودَ السّلامُ بِبَرَكةِ رَبِّنا إلى هذه الأرضِ الطيّبة، وتَعودَ الطُّمأنينةُ والرّاحةُ إلى قُلوبِ جميعِ أبنائِنا في هذا البلد الحبيب.

وكُلُّنا ثِقَةٌ بالوعي الّذي يتميّزُ بِهِ أبناؤُنا، وعليه نعتمدُ لكي نَعبُرَ هذه المِحنةَ العاصِفةَ بِبلادنا. حَماكُمُ الله وبارَكَكُم ووفَّقَكُم معَ عائلاتِكُم وأهالِيكُم وجميعِ المختصّينَ بِكُم، يا أبناءَ المَتنِ، ويا أبناءَ هذه المنطقة، أيّها الأحبّاءُ جميعاً، كان اللهُ معَكُم ووهَبَكُمُ الصّحّةَ والتّوفيق.

وبما أنّكُم، يا قدسَ الأبِ أغناطيوس، قد عبَّرتُم عن تلك المحبّةِ التي تحملونها في نفوسكم، وقدّمتُم أيقونة العذراء مريم سيّدتِنا أجمعين، والّتي نكرّمُها جميعاً مُسلِمين ومسيحيّين، فأنا بِدَوري أطلبُ إليكم بِكُلِّ محبّةٍ أن تتقبّلوا منّي هذا الصّليبَ وهذه المبخرة، تقدمةً متواضعةً تُعَبِّرُ عنِ المحبّةِ التي أَكُنُّها في قَلبي لَكُم جميعاً. أُذكُروني دَوماً أمامَ مذبحِ الرّبِّ في هذه الكنيسةِ المُباركة، عندما ترتفعُ الصّلواتُ من قُلوبِ هذا الشّعبِ الطيّب. حَفِظَكُم الله جميعاً. آمين.