رسالة رئيس الكنيسة الكاثوليكيّة، قداسة البابا…



2012-12-25

رسالة رئيس الكنيسة الكاثوليكيّة، قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر


إلى صاحب الغبطة يوحنا العاشر
بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس

أوجه إلى غبطتكم بفرح خاص تحياتي الأخوية في محبة المسيح لمناسبة انتخابكم بطريركًا للروم الأرثوذكس على أنطاكية وسائر المشرق. وإني أحرص على أن أؤكد لكم تعاطفي الروحي وصلاتي لكيما يمنحكم الآب السماوي مواهب الروح القدس الغزيرة ويمكّنكم من أن تقودوا بالمحبة والسلام القطيع الذي أنتم مؤتمنون عليه اليوم.


أنتم الآن خليفة أخينا المحبوب جدًّا والسعيد الذكر، صاحب الغبطة إغناطيوس الرابع، الذي ترك لمؤمني بطريركية أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس ميراثًا غنيًّا دائمًا من التجدّد الروحي والكنسي، عبر استمرارية التقليد الحي المسلّم من الرسل. فإن البطريرك إغناطيوس في فترة سني خدمته الطويلة، والتي طبعتها تبدّلات كبرى في وضع الشرق الأوسط، امتاز بالتزامه صون السلام وفي إسهامه بتحسين العلاقات ما بين كل مسيحيي المنطقة وبين كنائسنا.


إني واثق بأن غبطتكم ستتابعون هذا الجهد، على خطى خلفكم السعيد الذكر، من أجل وحدة تلاميذ المسيح. وفي مرحلة عدم الاستقرار والنزوع إلى العنف التي يشهدها الشرق الأوسط، تزداد ضرورة أن يقدم تلاميذ المسيح شهادة أصيلة عن وحدتهم، لكي يؤمن العالم برسالة المحبّة والسلام ومصالحة الإنجيل. كذلك تقع على عاتقنا مسؤولية أن نتابع مسيرتنا معًا لنظهر بأكثر جلاء، الواقع الروحي للشركة غير المكتملة بعد، والتي توحدنا. أرجو إذن من كل القلب، أن تتطوّر العلاقات، تحت إدارتكم الأبوية، ما بين بطريركية الروم الأرثوذكس والكنيسة الكاثوليكية في المرحلة اللاحقة من خلال أشكال من التعاون المثمر ومواصلة التزامنا في حل الأسئلة التي ما برحت تفرّقنا، وذلك بواسطة المشاركة الفاعلة والبنّاءة في أعمال اللجنة المشتركة الدولية للحوار اللاهوتي ما بين الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية قاطبة.


صاحب الغبطة، تأكدوا من صلواتي وتمنياتي الحارة لشخصكم ولرسالتكم. ليبارككم الإله القدير بمحبته ويحفظكم في مهمّتكم مانحًا إيّاكم كلّ نعم السماء وبركاتها. أخيرًا، وأنا آخذٌ في الاعتبار العذابات التي تقاسيها شعوب الشرق الأوسط، وبصفتي أخ لكم في الإيمان، أنضم إلى صلاتكم داعيًا ربنا يسوع المسيح، "أمير السلام" (أش 9، 5) الذي اختار، خلال مجيئه الأول بين البشر، أن يولد في هذه المنطقة بالتحديد، حتى يجلب العزاء لكل من هم ضحايا العنف ويلهم الجميع أفعال المحبة.
وفي مشاعر الرجاء العميق هذه، أبادلكم يا صاحب الغبطة عناقًا أخويًّا بالرب.

 

البابا بنديكتوس السادس عشر
الفاتيكان في 25 كانون الأول 2012