البطريرك يوحنا العاشر يفتتح دار مطرانية حمص للروم…



2017-05-27


قام البطريرك يوحنا العاشر بطريرك أنطاكية وسائر المشرق بافتتاح مطرانية حمص بعد ترميمها من قبل البطريركية. وصل غبطته إلى حمص صباحاً وكان في استقباله عند مدخل المدينة سيادة المطران جورج أبو زخم متروبوليت حمص وتوابعها ولفيف الآباء الكهنة. ولدى وصوله إلى دار المطرانية كان في استقبال غبطته محافظ حمص السيد طلال البرازي والمتروبوليت سابا اسبر، والأساقفة موسى الخوري، لوقا الخوري، أثناسيوس فهد، إيليا طعمة، ديمتري شربك وأفرام معلولي وأعضاء من مجلس الشعب ومطارنة الكنائس الشقيقة ولفيف الآباء الكهنة والشمامسة وحشد كبير من أبناء الأبرشية غصت بهم دار المطرانية وكنيسة الأربعين شهيداً.
دخل البطريرك على أنغام التراتيل وأقام صلاة الشكر التي خدمتها جوقة الأبرشية.
وفي نهاية الصلاة ألقى المطران جورج كلمة رحب فيها بغبطة البطريرك شاكراً له جهوده وجهود البطريركية في ترميم الدار ومساعدة أبناء الأبرشية.
بدوره ألقى غبطته كلمة جاء فيها:
سيادة المتروبوليت،
سيادة المحافظ،
أصحاب السيادة والسماحة، أيها الإخوة،
من حمص العديّة جارة العاصي يطيب لي أن أخاطبكم في هذا اليوم المبارك. من حمص التي يعني اسمها الوسطى، يطيب لي أن أحيي قلب سوريا وشريانها الأوسط وأن ألمس بقلبي قلوب الصامدين في الرجاء، قلوبَ إخوتي التي الربُّ جامعُها وهو في وسطها فلن تتزعزع.
قبل أعوام نالت من هذه الدار الكريمة نارُ أزمةٍ عصفت وتعصف بسوريا إلى يومنا. لكننا هنا لنقول نحن من العاصي كياننا. لنا إيمان بالله، وبعونه تعالى لنا أن نعصي رياح هذي الدنيا التي تحاول اجتثاثنا من أرضنا. وللريح نقول أنت زائلةٌ، وبقوة ربّنا نحن مغروسون في هذه الأرض. ونحن عُصاة التاريخ إذا كلح وجه التاريخ، وَذَا لأننا أصحاب حق وأبناء إرادة. وإذ نفتتح من جديد هذه الدار الكريمة نؤكد أن ذوي الإرادة هم أبناء الحياة.
نحنُ هنا لنقول رغم كل الجروح النازفة أن مدينة القديسَين اليان الحمصي ورومانوس المرنم وغيرهما العديد العديد من القديسين هي أكبر من أن تلويها أزمة. نحن هنا لنقول أن مدينةً يتجاور ويختلط فيها الوجود الأخوي المسيحي والإسلامي ويقوم فيها ضريح ابن الوليد الى جانب أجراس الكنائس لهي بذاتها رسالةٌ أنّ أُخوّة التاريخ كانت وباقيةٌ وستبقى. ونحن مسيحيي ومسلمي هذه البلاد سدٌّ واحد في وجه من يُلبِس الدين برقعَ تفرقة وافتتان.
إن نار التكفير والإرهاب التي زُرعت في أرضنا بدأت تلدع في غير مكان وهذا ما حذرنا ونحذر منه. وما سمي ربيعاً قد حمل بصماته دماراً في أكثرَ من مكان قربنا. نحن مدعوون بمنطق المصالحة أن نبني هذا الوطن. ونحمد الله أن مدينة حمص قد عادت بالكامل خاليةً من أي تواجد مسلح غير شرعي. وصلاتنا دوماً من أجل المهجر والمخطوف، صلاتنا من أجل أخوينا مطراني حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي المخطوفين وسط صمتٍ عالمي مُعيب.
نتوجه اليوم بالتحية إلى إخوتنا المسلمين في طليعة شهر الخير والبركة ونقول رمضان كريم. أعاده الله على الجميع باليمن والبركات.
ولأبنائنا في حمص: سلامٌ من القلب إلى قلب كل منكم. إن نوائب الدهر تُلوى بالعزيمة والرجاء. ونحن هنا في كنيسة الأربعين شهيداً الذين تراكَم عليهم ضيق الدنيا لينكروا المسيح لكن الدنيا سقطت عند أقدامهم، ومن قلب لجّة ضيقهم قلبوا العالم بشهادتهم للمسيح. ونحن، المسيحيين الأنطاكيين، مدعوون دوماً أن نقلب وجه التاريخ شاهدين دوماً لوجه المسيح وحضوره في هذا الشرق.
في ثلاثينيات القرن الماضي وقريبا جداً من هنا، حوصر تلاميذ في أول صروح هذه الأبرشية، في المدرسة الغسانية في حريق نشب فيها. يومها اندفعت يدا الشماس الياس معوض، بطريرك أنطاكية لاحقاً ولوت حديد النافذة وأخرجت التلامذة.
ونحن وفي هذه الظروف مدعوون دوماً أن نلوي الحديد لنغيّر وجه هذا الزمن ونُخرجِ من لجج الضيق إخوتنا وندمغ قلبنا بختم الإرادة الحق وننشد عشقنا لهذه الأرض، للحميدية وبستان الديوان ومار اليان وأم الزنار وللحجارة السود والأزقة المغروسة في الوجدان. وختاماً، نستلهم روح وشعر المثلث الرحمة مطران حمص أثناسيوس عطالله قائلين:
افرحي يا بيت عنيا نحوك وافى الإله
من به الأموات تحيا كيف لا وهو الحياة
نحن أبناء القيامة عزْمُنا بالرب دامْ
فيه نهتزُّ هيامى إنْ بضيقٍ أو سلامْ
لك يارب البرايا نحن نجثو بخشوع
قوة وسْط المنايا حزنا فيك يايسوع
نجمةُ الصبح بلادٌ جابها رسْلُ المسيحْ
طيفُها للنفس زادٌ فيها نبقى لا نزيحْ
وبعد الصلاة جال غبطته على ساحة المطرانية واستمع إلى نشيد قدمه جوق الأطفال. واتجه إلى دار المطرانية وأزاح الستار التذكاري.
تلى ذلك استقبال في صالون المطرانية، حيث صافح غبطته مستقبليه.